الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وجه الدلالة: يحمل هذا الحديث على أن السلطان ولي للمرأة التي لا ولي لها، ويحمل أيضًا على ما إذا عضل الأولياء كلهم؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم:"فإن اشتجروا"، ضمير جمع يتناول الكل، والسلطان يكون وليًّا لمن لا ولي له، وها هنا لها ولي أو وليان (1).
النتيجة:
أولًا: يُعدّ الإجماع على أن للمرأة أن ترفع أمرها للسلطان إذا عضلها وليها صحيحًا.
ثانيًا: يُعدّ الإجماع على أن السلطان يزوج المرأة إذا عضلها الأولياء جميعًا، كما يشير إليه كلام ابن قدامة، وابن تيمية، صحيحًا.
ثالثا: يبقى الخلاف قائمًا فيما إذا عضل الولي الأقرب، فهل تنتقل الولاية للولي الأبعد، أم تنتقل للسلطان؟
[22 - 42] إذا زوج المرأة وليّان:
إذا زوج المرأة وليان من أوليائها، فإن علم المتقدم في العقد من الوليين، فتكون المرأة لمن عقد عليها أولًا، وإن دخل بها الثاني، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
الترمذي (279 هـ) حيث قال: "والعمل على هذا عند أهل العلم لا نعلم بينهم في ذلك اختلافا، إذا زوج أحد الوليين قبل الآخر فنكاح الأول جائز، ونكاح الآخر مفسوخ"(2).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن امرأة تزوجت في عقدتين مختلفتين رجلين، فعلم أولهما، ولم يكن دخل بها واحد منهما، فإن الأول هو الزوج، والآخر أجنبي باطل"(3).
3 -
البغوي (516 هـ) حيث قال: "هذا قول عامة أهل العلم أن المرأة إذا زوجها الوليّان، وكان أحدهما سابقًا، وعُرف السابق منهما، أن الأول صحيح، والثاني باطل، سواء دخل بها الثاني أم لم يدخل"(4).
4 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "فأما إن علم المتقدم منهما فأجمعوا على أنها للأول، إذا لم يدخل بها واحد منهما"(5).
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 381)، و"المغني"(9/ 383).
(2)
"سنن الترمذي"(2/ 359).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 119).
(4)
"شرح السنة"(546).
(5)
"بداية المجتهد"(2/ 28).
5 -
الصنعاني (1182 هـ) حيث قال: "إن المرأة إذا عقد لها وليّان لرجلين، وكان العقد مترتبًا، أنها للأول منهما، سواء دخل بها الثاني أو لا، أما إذا دخل بها عالمًا؛ فإجماع أنه زنى"(1).
• الموافقون على الإجماع: أولًا: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الوليين إن عقدا عقدين على المرأة، وعلم السابق منهما، أنها للأول منهما، وافق عليه الحنفية (2)، والحنابلة (3)، وهو قول الحسن، والزهري، وقتادة، وابن سيرين، والأوزاعي، والثوري، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي ثور (4).
ثانيًا: ما ذكره البغوي من الشافعية، والصنعاني أن المرأة للأول من العاقدين، وإن دخل بها الثاني، وافق عليه الحنفية (5)، وابن عبد الحكم (6) من المالكية (7)، والحنابلة (8)، وهو قول علي رضي الله عنه (9).
• مستند الإجماع:
1 -
عن سمرة بن جندب (10) رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، ومن باع بيعًا من رجلين فهو للأول منهما"(11).
(1)"سبل السلام"(3/ 238).
(2)
"مختصر الطحاوي"(ص 174)، "الاختيار"(3/ 97).
(3)
"الكافي"(4/ 228)، و"كشاف القناع"(5/ 59).
(4)
"الإشراف"(1/ 30).
(5)
"مختصر الطحاوي"(ص 174)، "الاختيار"(3/ 97).
(6)
هو أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن عبد الحكم، سمع من أبيه، ومن ابن وهب، وابن القاسم، وغيرهم، صحب الشافعي، وأخذ عنه، وكان فقيهًا نبيلًا، وإليه انتهت رياسة المالكية بمصر، كانت إليه الرحلة من الأندلس، والمغرب، وغيرها، توفي سنة (268 هـ). انظر ترجمته في:"الديباج المذهب"(ص 331)، و"شجرة النور الزكية"(1/ 101).
(7)
"الذخيرة"(4/ 253)، "مقدمات ابن رشد"(ص 260).
(8)
"الكافي"(4/ 228)، و"كشاف القناع"(5/ 59).
(9)
"الإشراف"(1/ 30).
(10)
هو سمرة بن جندب بن هلال الغطفاني، قدمت به أمه المدينة بعد موت أبيه، فتزوجها رجل من الأنصار، وكان سمرة في حجره إلى أن صار غلامًا، عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه يوم أحد، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وسكن البصرة، توفي سنة (59 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(2/ 554)، و"الإصابة"(3/ 150).
(11)
أخرجه أبو داود (2088)(2/ 230)، والترمذي (1112)(2/ 359)، والنسائي (4682) (7/ 224). قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وقال ابن حجر: صححه أبو زرعة، وأبو حاتم. انظر:"التلخيص الحبير"(3/ 165).
2 -
عن عقبة بن عامر (1) رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنكح الوليان، فهو للأول منهما، وإذا بايع الرجل بيعًا من الرجلين، فهو للأول منهما"(2).
3 -
أن امرأة زوجها أولياؤها بالجزيرة، وزوجها أهلها بعد ذلك بالكوفة، فرفعوا ذلك إلى علي رضي الله عنه، ففرق بينها وبين زوجها الآخر، وردها إلى زوجها الأول، وجعل لها صداقها بما أصاب من فرجها، وأمر زوجها الأول أن لا يقربها حتى تنقضي عدتها (3).
• وجه الدلالة: أن الثاني تزوج امرأة في عصمة زوج، فكان باطلًا، فحاله كمن تزوج امرأة، وهو يعلم أن لها زوجًا، كنكاح المعتدة والمرتدة، فكان باطلًا، وإن دخل (4).
• الخلاف في المسألة: يرى الإمام مالك أن الثاني إن دخل بهما فهو أحق بها (5). وهو قضاء معاوية رضي الله عنه، وقول عطاء (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
قول عمر رضي الله عنه: إذا أنكح الوليان، فالأول أحق، ما لم يدخل بها الثاني (7).
2 -
روي أن موسى بن طلحة بن عبيد اللَّه زوّج أخته يزيد بن معاوية بالشام، وزوجها أخوها يعقوب بن طلحة الحسنَ بن علي بالمدينة، فدخل بها الحسن؛ وهو الثاني من الزوجين، ولم يعلم بما تقدم من نكاح يزيد، فقضى معاوية بنكاحها للحسن
(1) هو عقبة بن عامر الجهني، قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو على غنم له، فتركها وذهب لبيعة النبي صلى الله عليه وسلم، شهد فتوح الشام، وكان البريد إلى عمر، وكان من أحسن الناس صوتًا بالقرآن، استعمله معاوية على مصر، وبقي واليًا عليها إلى أن مات سنة (58 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 52)، و"الإصابة"(4/ 429).
(2)
أخرجه الشافعي في "الأم"(5/ 26)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 140).
(3)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 141).
(4)
"المغني"(9/ 429).
(5)
"التفريع"(2/ 33)، و"الذخيرة"(4/ 253).
(6)
"مصنف عبد الرزاق"(6/ 233)، و"المغني"(9/ 429)، و"شرح السنة"(5/ 46).
(7)
لم أجده بهذا اللفظ، وقال الألباني: لم أقف عليه. انظر: "إرواء الغليل"(6/ 254).
وأخرج عبد الرزاق بسنده: أن أبا كنف طلق امرأته، وخرج مسافرًا، وأشهد على رجعتها قبل انقضاء العدة، ولا علم لها بذلك حتى زوجت، فأتى عمر بن الخطاب؛ فكتب له: إن كان دخل بها الآخر فهي امرأته، وإلا فهي للأول. فقدم أبو كنف الكوفة فوجده لم يدخل بها. فقال لنسوة عندها: قمن من عندها فإن لي إليها حاجة، فقمن فبنى بها مكانه وكانت امرأته. انظر:"المصنف"(10980)(6/ 313).