الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المريض" (1)، وابن جزي (741 هـ) حيث قال: "طلاق المريض نافذ كالصحيح، اتفاقًا" (2).
• الموافقون على الاتفاق: ما ذكره علماء المالكية من الاتفاق على صحة طلاق المريض وافق عليه الحنفية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، وابن حزم (6).
• مستند الاتفاق: استدلوا بعموم الآيات والأحاديث التي جاء فيها ذكر الطلاق دون أن تفرق بين المريض وغيره في حكم الطلاق؛ مثل قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وقوله صلى الله عليه وسلم "ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة"(7). أن الظهار والإيلاء يصح من المريض، فأولى أن يصح منه الطلاق (8).
• الخلاف في المسألة: ذهب الشعبي، وعمرو بن عبيد (9)(10)، إلى أن طلاق المريض غير صحيح، فليس له طلاق، وهي زوجته كما كانت.
• دليل هذا القول: لا ينفذ لمريض طلاق؛ لأجل التهمة في الهرب من ميراث زوجته (11).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن طلاق المريض يصح كما يصح طلاق غير المريض؛ وذلك لوجود خلاف عن الشعبي وغيره.
[18 - 193] إذا طلق المريض امرأته ثلاثًا، ورثته إن مات، ولا يرثها إن ماتت:
إذا طلق المريض امرأته ثلاثًا، ومات في مرضه الذي طلقها فيه، فإنها ترثه، ولا
(1)"بداية المجتهد"(2/ 137).
(2)
"القوانين الفقهية"(ص 229).
(3)
"البناية شرح الهداية"(5/ 441)، "فتح القدير"(4/ 146).
(4)
"العزيز شرح الوجيز"(8/ 583)، "روضة الطالبين"(7/ 68).
(5)
"الإنصاف"(8/ 431)، "المحرر"(2/ 107).
(6)
"المحلى"(9/ 486).
(7)
سبق تخريجه.
(8)
"الحاوي"(13/ 137).
(9)
هو عمرو بن عبيد البصري المعتزلي، القدري، كان من أصحاب الحسن البصري، ثم اعتزل حلقته، والتحق بواصل بن عطاء، اختلف الناس فيه، كذّبه أيوب، ويونس، وتركه ابن أبي شيبة، توفي سنة (142)، وقيل:(143 هـ). انظر ترجمته في: "شذرات الذهب"(1/ 210)، "وفيات الأعيان"(3/ 460).
(10)
"الحاوي"(13/ 137)، "مراتب الإجماع"(ص 127).
(11)
"الحاوي"(13/ 137).
يرثها إن ماتت، وتسمى هذه المسألة عند الفقهاء طلاق الفارِّ، كأنه طلقها ليفر من أن ترثه، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وقد أجمعوا على أن الزوج لا يرثها إن ماتت في العدة، ولا بعد انقضاء العدة إذا طلقها ثلاثًا وهو صحيح، أو مريض"(1).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال بعد أن ذكر الصحابة الذين ورّثوا امرأة المريض منه: ". . . ولا أعلم لهم مخالفًا من الصحابة، إلا عبد اللَّه بن الزبير، فإنه قال: لا أرى أن ترث المبتوتة بحال من الأحوال، وجمهور علماء المسلمين على ما روي عن الصحابة في ذلك"(2).
3 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "إن عثمان رضي الله عنه ورَّث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، وكان طلقها في مرضه فبتها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر، فكان إجماعًا"(3).
4 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "بإجماع الصحابة توريث امرأة الفارّ"(4).
5 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "أما الإجماع: فلأن عثمان رضي الله عنه ورّث تماضر بنت الأصبغ بن زياد الكلبية، من عبد الرحمن بن عوف لما بتّ طلاقها، وهي في العدة بمحضر من الصحابة، فلم ينكر عليه أحد، فكان إجماعًا"(5).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على توريث امرأة المريض منه إذا طلقها في مرضه ومات في ذلك المرض، وهي في العدة، وعدم توريثه منها إن ماتت هي هو قول عمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وقال به عروة، وشريح، والحسن، والشعبي، والنخعي، وابن أبي ليلى، وربيعة الرأي، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري (6).
• مستند الإجماع: أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة، وهو مريض، فورّثها
(1)"الإشراف"(1/ 167).
(2)
"الاستذكار"(6/ 113).
(3)
"المغني"(9/ 195).
(4)
"البناية شرح الهداية"(5/ 441).
(5)
"فتح القدير"(4/ 146).
(6)
"الحاوي"(13/ 183)، "المغني"(9/ 195).
عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها (1).
• وجه الدلالة: هذا عثمان رضي الله عنه ورّث امرأة عبد الرحمن بن عوف منه لما بتّ طلاقها وهو مريض، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينكره عليه أحد منهم، فصار إجماعًا (2).
• الخلاف في المسألة: يرى الإمام الشافعي في الجديد (3)، والإمام أحمد في رواية عنه (4)، وابن حزم (5) أنها لا ترثه. وبه قال عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنه، وأبو ثور، وداود (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
استدلوا بظاهر الآيات في توريث الزوجات، قالوا: والمبتوتة ليست بزوجة عند جماعة المسلمين (7).
2 -
عن ابن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن الرجل الذي يطلق المرأة فيبتها ثم يموت وهي في عدتها فقال عبد اللَّه بن الزبير: طلق عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تماضر بنت الأصبغ الكلبية فبتها ثم مات وهي في عدتها فورثها عثمان رضي الله عنه، قال ابن الزبير: وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة (8).
3 -
أنها إذا ماتت في العدة فإن الرجل لا يرثها، فلو كانت زوجة لورثها كما ترثه (9).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن المرأة إذا طلقت ثلاثًا أنها ترث زوجها إذا
(1) أخرجه مالك في "الموطأ"(ص 448)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 362)، وصححه الألباني في "الإرواء"(6/ 156)، وقال ابن عبد البر: اختلف عن عثمان: هل ورثها في العدة أو بعدها؟ وأصح الروايات أنه ورثها بعد انقضاء العدة. انظر: "الاستذكار"(6/ 113).
(2)
انظر: "فتح القدير"(4/ 146)، "الاستذكار"(6/ 113)، "المغني"(9/ 195).
(3)
"الحاوي"(13/ 138)، "الوسيط، (5/ 402).
(4)
"الكافي"(4/ 123)، "الإنصاف"(7/ 456).
(5)
"المحلى"(9/ 486).
(6)
"الاستذكار"(6/ 113)، "الحاوي"(13/ 138).
(7)
"الاستذكار"(6/ 113).
(8)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 362)، وصححه الألباني.
انظر: "إرواء الغليل"(6/ 160).
(9)
"الحاوي"(13/ 138)، "الاستذكار"(6/ 113).