الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الدلالة من الآيتين: حرّم اللَّه سبحانه وتعالى على الزوج أن يأخذ من امرأته شيئًا مما آتاها، إلا بعد الخوف الذي ذكره اللَّه تعالى، من عدم إقامة حدود اللَّه (1).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية (2) إلى القول بجواز أخذ العوض، وإن كان لا ينبغي له؛ فإن فعَل لم يجبر على رده.
• دليل هذا القول: قال تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا} [النساء: 20 - 21].
• وجه الدلالة: ورد النهي عن فعل حسي، وهو الأخذ، ومثله يقتضي عدم المشروعية، لكن هذا النهي ورد لمعنى في غيره؛ وهو زيادة الإيحاش، فلا يعدم المشروعية في نفسه (3).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على منع ما يأخذ الرجل من زوجته إذا كان الضرر من قِبَله؛ وذلك لوجود خلاف عن الحنفية، بجواز أخذه.
[5 - 164] جواز الخلع بمقدار الصداق، ولا تجوز الزيادة عليه:
لا يجوز للرجل أن يأخذ من امرأته عند الخلع أكثر مما أعطاها من الصداق، ولا يأخذ إلا مقدار الصداق، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "أجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها إذا لم يكن مضرًا بها، وخافا ألا يقيما حدود اللَّه"(4). وقال أيضًا: "وأجمع الجمهور منهم أن الخلع، والفدية، والصلح، أن كل ذلك جائز بين الزوجين في قطع العصمة بينهما، وأن كل ما أعطته على ذلك حلال له، إذا كان مقدار الصداق فما دونه، وكان ذلك من غير إضرار منه بها، ولا إساءة إليها"(5).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره ابن عبد البر من الإجماع على جواز الخلع على مقدار الصداق، ولا تجوز الزيادة عليه، وافق عليه الإمام أحمد في رواية عنه (6). وهو
(1)"الإشراف"(1/ 193).
(2)
"مختصر الطحاوي"(ص 191)، "فتح القدير"(4/ 215).
(3)
"العناية على الهداية"(4/ 215).
(4)
"التمهيد"(23/ 368).
(5)
"الاستذكار"(6/ 76).
(6)
"الإنصاف"(8/ 398)، "الفروع"(8/ 424).
قول علي رضي الله عنه (1)، وطاوس، وعطاء، وسعيد بن المسيب، والحسن، والشعبي، والحكم بن عتيبة، وحمّاد بن أبي سليمان، والزهري، وإسحاق، وأبي عبيد، والأوزاعي (2).
• مستند الإجماع: جاء في بعض الروايات في قصة ثابت بن قيس أن امرأته جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: واللَّه ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضًا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أتردين عليه حديقته؟ "، قالت: نعم، فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها الحديقة، ولا يزداد (3).
• وجه الدلالة:
1 -
لو كان أخذ الزيادة على المهر جائزًا لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم ثابتًا عن أخذها، ولو كان جائزًا لما أمره بالاقتصار على أخذ ما أعطاها (4).
2 -
ما يأخذه الرجل من المرأة هو بدل في مقابلة الفسخ، فلا يأخذ إلا ما ابتُديَ العقد به: كالعوض في الإقالة (5).
• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة في المذهب (9)، وابن حزم (10) إلى أنه يجوز للرجل أن يأخذ من زوجته أكثر مما أعطاها. وهو قول عثمان، وابن عمر، وابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقبيصة بن ذؤيب (11)،
(1) قال ابن حزم: هذا لا يصح عن علي؛ لأنه منقطع، وفيه ليث وقد ضُعّف. انظر:"المحلى"(9/ 519).
(2)
"الإشراف"(1/ 195)، "المغني"(10/ 269)، "المحلى"(9/ 519)، "الاستذكار"(6/ 77).
(3)
أخرجه ابن ماجه (2056)(1/ 645). قال البيهقي: كذا رواه عبد الأعلى بن عبد العلي، عن سعيد بن أبي عروبة موصولًا، وأرسله غيره عنه. وفي المرسل عن قتادة، عن عكرمة قال: ولا أحفظ: ولا تزدد. قال البيهقي: والصحيح هو المرسل. انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 313، 314).
(4)
"أحكام القرآن" للجصاص (1/ 484).
(5)
"المغني"(10/ 270).
(6)
"الهداية"(1/ 292)، "مختصر الطحاوي"(ص 191).
(7)
"المعونة"(2/ 632)، "التفريع"(2/ 82).
(8)
"العزيز شرح الوجيز"(8/ 396)، "روضة الطالبين"(7/ 351).
(9)
"الإنصاف"(8/ 398)، "الكافي"(4/ 417).
(10)
"المحلى"(9/ 522).
(11)
هو قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي، ولد في أول سنة من الهجرة، وقيل: عام الفتح، وقيل: يوم حنين، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسمع منه، وكان من علماء هذه الأمة، نزل الشام، وكان على خاتم =