الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمجرد العقد علي بناتهن (1).
[12 - 432] إذا أفسدت المرأة نكاح نفسها بعد الدخول، فلا يسقط المهر:
هذه المسألة نظيرة التي سبقتها، فإن وقع إفساد النكاح من قبل المرأة بعد الدخول بها، بأن تزوج صغيرة فأرضعتها، فإنها تصبح أمًّا لها، فتحرمان عليه، ولا يسقط مهر الكبيرة بحال، ونُفي الخلاف في ذلك.
من نفى الخلاف: ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "ولا نعلم بينهم خلافًا في أنها إذا أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول، أنه لا يسقط مهرها"(2). ونقله عنه المرداوي (3)، وابن قاسم (4).
• الموافقون على نفي الخلاف: ما ذكره علماء الحنابلة من أن المرأة إذا أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول فإن المهر يجب، ولا يسقط، وافق عليه الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، وابن حزم (8).
• مستند نفي الخلاف:
1 -
ينفسخ نكاح الكبيرة؛ لأنها أصبحت من أمهات نسائه، وينفسخ نكاح الصغيرة؛ لأنها أصبحت ربيبة مدخولًا بأمها (9).
2 -
يجب المهر لأنه قد تأكد بالدخول، فلا يحتمل السقوط بعد ذلك (10).
النتيجة:
صحة ما ذكر من أنه لا خلاف في أن المرأة إذا أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول بأن أرضعت زوجته الصغرى، فإن النكاح ينفسخ، ولا يسقط مهر الكبرى.
[13 - 433] لا يثبت الرضاع إلا بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين:
لا بد في الرضاع حتى يثبت إما إقرار المرضع بالرضاعة، أو بثبوت البينة، ولا تثبت
(1)"المغني"(11/ 328).
(2)
"المغني"(11/ 333).
(3)
"الإنصاف"(9/ 342).
(4)
"حاشية الروض المربع"(7/ 102).
(5)
"بدائع الصنائع"(5/ 98)، "حاشية ابن عابدين"(4/ 415).
(6)
"المدونة"(2/ 302)، "التاج والإكليل"(5/ 539).
(7)
"البيان"(11/ 166)، "روضة الطالبين"(7/ 464).
(8)
"المحلى"(10/ 184).
(9)
"شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 499).
(10)
"بدائع الصنائع"(5/ 98).
البينة إلا بشاهدين، رجلين، أو رجل وامرأتين، ولا تقبل شهادة النساء منفردات، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الكاساني (587 هـ) حيث قال بعد أن ذكر أن البينة في الرضاع تثبت بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين:"ولنا ما ورد عن عمر رضي الله عنه قال: لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين، وكان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم يظهر النكير من أحد فيكون إجماعًا"(1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الكاساني من الحنفية من الإجماع على أنه لا يقبل في الشهادة على الرضاع إلا رجلان، أو رجل وامرأتان، وافق عليه المالكية (2)، والشافعية (3). وهو قول عمر رضي الله عنه (4).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282].
2 -
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أُتى في امرأة شهدت على رجل وامرأته أنها أرضعتهما فقال: لا حتى يشهد رجلان، أو رجل وامرأتان (5).
3 -
لا يصح انفراد النساء بالشهادة على الرضاع؛ لأن ذلك مما يطلع عليه الرجال، لجواز اطلاع المحارم على ثدي المرضعة (6).
• الخلاف في المسألة: الخلاف في هذه المسألة ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما ذكره الجمهور من قبول شهادة رجلين على الرضاع، أو رجل وامرأتين، خالفهم فيه الحنابلة، ففي المذهب أن الرضاع مما لا يطلع عليه إلا النساء فلا تقبل فيه إلا شهادة النساء (7).
القسم الثاني: ما ذكره الحنفية أن شهادة النساء منفردات لا تقبل في الرضاع، وقصروا ذلك على رجلين، أو رجل وامرأتين، فهذا موضع اختلف فيه الفقهاء على
(1)"بدائع الصنائع"(5/ 106).
(2)
"الذخيرة"(4/ 278)، "التاج والإكليل"(5/ 540).
(3)
"الحاوي"(21/ 20)، "البيان"(13/ 335).
(4)
"السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 463)، "الإشراف"(1/ 100).
(5)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 463).
(6)
"بدائع الصنائع"(5/ 106).
(7)
"الكافي"(6/ 221)، "الإنصاف"(12/ 86).
أقوال:
القول الأول: يجوز للنساء أن يشهدن على الرضاع، ولا يقبل فيه أقل من امرأتين، وهو قول الإمام مالك (1)، والإمام أحمد في رواية عنه (2). واشترط الإمام مالك دون غيره فُشوَّ الرضاع وانتشاره حتى يكون بشهادة سماع، وإلا فلا (3). وقال به الحكم بن عتيبة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري (4).
• أدلة هذا القول:
1 -
أن النساء قد أُقِمن هنا مقام الرجال، فاقتصر فيه منهن على عدد الرجال (5).
2 -
أن كل جنس يثبت فيه الحق يكفي فيه اثنان، والرضاع لا يطلع عليه إلا النساء فلا بد من امرأتين (6).
القول الثاني: لا يقبل منهن إلا أربع، وهو قول الإمام الشافعي (7). وقال به قتادة، والشعبي، وعطاء، وأبو ثور (8).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
• وجه الدلالة: أقام اللَّه سبحانه وتعالى المرأتين مقام الرجل؛ ولم يقبل من الرجال أقل من اثنين، فوجب ألا يقبل من النساء أقل من أربع (9).
2 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ "(10).
3 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل"(11).
(1)"المدونة"(2/ 300، "التاج والإكليل" (5/ 540).
(2)
"الإنصاف"(12/ 86)، "شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 501).
(3)
"الذخيرة"(4/ 278)، "التاج والإكليل"(5/ 540).
(4)
"المغني"(14/ 134).
(5)
"الحاوي"(14/ 465).
(6)
"المغني"(14/ 135 - 136).
(7)
"الأم"(5/ 55)، "الحاوي"(14/ 465).
(8)
"الأم"(5/ 55)، "الإشراف"(1/ 100)، "المغني"(14/ 136).
(9)
"الحاوي"(14/ 466).
(10)
أخرجه البخاري (304)(1/ 90).
(11)
أخرجه مسلم (79)"شرح النووي"(2/ 56).
القول الثالث: يقبل فيه قول امرأة واحدة إذا كانت مرضية، وقال به الإمام أحمد في رواية عنه (1)، وابن حزم (2). وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه، وطاوس، والزهري، وقبيصة، والأوزاعي (3). قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم (4).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: تزوجت امرأة؛ فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت لي: إني قد أرضعتكما، وهي كاذبة، فأعرض عنه، فأتيته من قبل وجهه، وقلت: إنها كاذبة. قال: "كيف بها، وقد زعمت: أنها قد أرضعتكما؟ دعها عنك"(5).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسائل بمفارقة امرأته لما جاءه الخبر أن امرأة أرضعتهما، فقبل قولها، وهي واحدة، ولم يطلب شاهدًا غيرها.
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما الذي يجوز في الرضاع من الشهود؟ فقال: "رجل، أو امرأة"(6).
3 -
عن ابن شهاب الزهريّ قال: جاءت امرأة سوداء في إمارة عثمان رضي الله عنه إلى أهل ثلاثة أبيات قد تناكحوا، فقالت: أنتم بنيّ وبناتي، ففرَّق بينهم (7).
القول الرابع: يقبل فيه قول امرأة واحدة مع يمينها، وهي رواية عن الإمام أحمد (8). وقال به ابن عباس رضي الله عنهما، وإسحاق (9).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية، وتستحلف مع
(1)"الإنصاف"(12/ 86)، "شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 501).
(2)
"المحلى"(8/ 487).
(3)
"المغني"(11/ 340، "الحاوي" (14/ 465).
(4)
"سنن الترمذي"(2/ 381).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
أخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 464)، وعبد الرزاق (13982)(7/ 484).
قال البيهقي: هذا إسناد ضعيف لا تقوم بمثله الحجة، محمد بن عثيم يرمى بالكذب، وابن البيلماني ضعيف، وقد اختلف عليه في متنه فقيل: هكذا. وقيل: رجل وامرأة. وقيل: رجل وامرأتان.
(7)
أخرجه عبد الرزاق (13970)(7/ 482).
(8)
"الإنصاف"(12/ 86)، "شرح الزركشي على الخرقي"(3/ 546).
(9)
"المغني"(11/ 340).