الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على صحة تفويض الرجل الطلاق إلى زوجته؛ وذلك لوجود خلاف عن ابن حزم بعدم صحة تفويض الطلاق للزوجة.
[43 - 218] إذا خير الرجل امرأته في الطلاق كان لها الخيار في المجلس على الفور:
إذا قال الرجل لامرأته: اختاري، فلها أن تختار أن تفارق زوجها، أو أن تبقى معه ما دامت في المجلس، فإذا قامت فلا خيار لها، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
المزني (264 هـ) حيث قال: "ولا أعلم خلافًا أنها إن طلقت نفسها قبل أن يتفرقا من المجلس، وتحدث قطعًا لذلك، أن الطلاق يقع عليها، فيجوز أن يقال لهذا الموضع: إجماع"(1).
2 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "إنه على الفور في المجلس؛ لأنه قبول تمليك، . . . ولأنه (2) ذَكَر الإجماع فيه أنها إذا طلقت نفسها على هذه الصفة كان إجماعًا"(3).
3 -
المرغيناني (593 هـ) حيث قال: "وإذا قال لامرأته: اختاري، ينوي بذلك الطلاق، أو قال لها: طلقي نفسك، فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها. . . بإجماع الصحابة"(4).
4 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "أما الإجماع: فإنه روي عن جماعة من الصحابة، مثل عمر، وعثمان، وعلي، وعبد اللَّه بن مسعود، وعبد اللَّه بن عمر، وجابر، وعائشة رضي الله عنهم، أن المخيرة إذا اختارت نفسها في مجلسها، وقع الطلاق"(5).
5 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "قضى عمر، وعثمان، في الرجل يخير امرأته، أن لها الخيار ما لم يتفرقا، . . . ونحوه عن ابن مسعود، وجابر، ولم نعرف لهم مخالفًا من الصحابة، فكان إجماعًا"(6).
6 -
البابرتي (786 هـ) حيث قال: ". . . لإجماع الصحابة؛ روي عن عمر،
(1)"مختصر المزني" ملحق بـ "الأم"(9/ 207).
(2)
أي: المزني، كما هو واضح من سياق الكلام قبله.
(3)
"الحاوي"(13/ 37).
(4)
"الهداية"(1/ 265).
(5)
"بدائع الصنائع"(4/ 259).
(6)
"المغني"(10/ 388).
وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وجابر، وزيد، وعائشة أنهم قالوا: إذا خير الرجل امرأته كان لها الخيار ما دامت في مجلسها ذلك، فإذا قامت فلا خيار لها، ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك فحل محل الإجماع" (1).
7 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "وإذا قال لامرأته: اختاري، ينوي بذلك الطلاق، أو قال لها: طلقي نفسك، فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها ذلك، وهذا الشرط بإجماع الصحابة"(2).
8 -
ابن الهمام (861 هـ) حيث قال: "وإن قال لها: طلقي نفسك، فلها أن تطلق نفسها ما دامت في مجلسها؛ لأن المخيرة لها خيار المجلس بإجماع الصحابة"(3).
9 -
ابن نجيم (970 هـ) فذكره كما قال ابن الهمام (4).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الرجل إذا خير امرأته في الطلاق، كان لها الخيار في المجلس على الفور وافق عليه الإمام مالك في رواية (5). وهو قول عمر، وعثمان، وابن مسعود، وابن عمر، وجابر، وعائشة رضي الله عنهم، وقال به عطاء، وجابر بن زيد، ومجاهد، والشعبي، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو ثور (6).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: خيّرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاخترنا اللَّه ورسوله، فلم يُعَدَّ ذلك علينا شيئًا (7).
2 -
أن عمر وعبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان: إذا خيرها فاختارت نفسها، فهي واحدة، وهو أحق بها، وإن اختارت زوجها، فلا شيء (8).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الإمام مالك في رواية عنه (9)، والإمام أحمد في
(1)"العناية على الهداية"(4/ 76 - 77).
(2)
"البناية شرح الهداية"(5/ 373).
(3)
"فتح القدير"(4/ 76).
(4)
"البحر الرائق"(3/ 335).
(5)
"التفريع"(2/ 88)، "الكافي" لابن عبد البر (ص 273).
(6)
"الإشراف"(1/ 157)، "المغني"(10/ 387)، "الجامع لأحكام القرآن"(14/ 157).
(7)
أخرجه البخاري (5262) -6/ 203)، ومسلم (1477)"شرح النووى"(10/ 67).
(8)
أخرجه البيهقي (7/ 346). قال ابن المنذر: وفي أسانيدها مقال. انظر: "الإشراف"(1/ 157).
(9)
"التفريع"(2/ 188)، "الكافي" لابن عبد البر (ص 273).
رواية عنه أيضًا (1) إلى أن ذلك لها على التراخي، ما لم يبطله الزوج أو يطأها. وقال به الزهري، وقتادة، وأبو عبيد (2)، وابن المنذر (3).
• دليل هذا القول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أُمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: "إني ذاكر لك أمرًا؛ فلا عليك أن لا تتعجلي حتى تستأمري أبويك"، قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: "إن اللَّه جل ثناؤه قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إلى {أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28 - 29] "، قالت: فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبويّ؛ فإني أريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة، قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلت (4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جعل لها أن تستشير أبويها دل ذلك على أن الخيار لها على التراخي (5).
ثانيًا: يرى ابن حزم أنه ليس هناك تخيير، ومن فعله لم يكن شيئًا، سواء اختارت نفسها، أو اختارت الطلاق (6).
وعلى قول ابن حزم لا اعتبار للخلاف السابق عنده، سواء في قول من قال: الخيار لها في المجلس فقط، أم من قال لها ذلك بعده.
• دليل هذا القول: قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28)} [الأحزاب: الآية 28].
• وجه الدلالة: نص اللَّه سبحانه وتعالى أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم إن أردن الدنيا، ولم يردن الآخرة، فإنهن يطلقن حينئذٍ من قِبَله صلى الله عليه وسلم مختارًا لذلك (7).
النتيجة:
عدم تحقق الإجماع على أن من خير امرأته أن لها الخيار في المجلس؛ وذلك لما يلي:
1 -
وجود خلاف عن الإمام مالك في رواية عنه، وعن الإمام أحمد في رواية عنه
(1)"الكافي"(4/ 448)، "الإنصاف"(8/ 493).
(2)
"الإشراف"(1/ 157)، "المغني"(10/ 387).
(3)
"الإقناع" لابن المنذر (ص 243).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
"المغني"(10/ 387 - 388)، "فتح القدير"(4/ 76).
(6)
"المحلى"(9/ 291).
(7)
"المحلى"(9/ 300).