الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عثمان البتي مخالف للسنة (1).
2 -
هذا قول لم يُسبق إليه، ولم يقله أحد ممن سبقه، مما يدل على أن عثمان البتي قد أحدث حكمًا من عنده؛ فهو قول شاذ، وقد وصف بذلك (2).
ثانيًا: صحة ما نقل من الاتفاق على أن الملاعنة تحرم على زوجها الذي لاعنها، تحريمًا مؤبدًا إذا لم يكذب نفسه.
ثالثًا: عدم صحة الاتفاق على أن الملاعنة تحرم على زوجها الذي لاعنها، تحريمًا مؤبدًا إذا أكذب نفسه، لخلاف الإمام أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، والإمام أحمد في رواية عنه، بأنها لا تحرم عليه تحريمًا مؤبدًا إن أكذب نفسه.
[6 - 56] تحريم الجمع بين الأختين:
يحرم الجمع في النكاح بين الأختين، سواء كانتا من نسب، أو رضاع، حرتين كانتا أو أمتين، أو حرة وأمة، من أبوين كانتا، أو من أب، أو أم، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الطبري (310 هـ) حيث قال بعد ذكره لأصناف المحرمات من النساء، ومن ذلك تحريم الجمع بين الأختين:"فكل هؤلاء اللواتي سماهن اللَّه تعالى، وبيَّن تحريمهن في هذه الآية؛ محرمات غير جائز نكاحهن لمن حرم اللَّه ذلك عليه من الرجال، بإجماع جميع الأمة، لا اختلاف بينهم في ذلك"(3).
2 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا أن عقد نكاح الأختين في عقد واحد لا يجوز، وأجمعوا على أن شراء الأختين الأمتين جائز، وأجمعوا على أن لا يجمع بين الأختين الأمتين في الوطء"(4).
3 -
القاضي عبد الوهاب (422 هـ) حيث قال: "ولا يجوز أن يجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء، ويجوز الجمع بينهما في الملك، كما لا يجوز الجمع بينهما في عقد النكاح، لأن الوطء في الإماء نظير العقد في النكاح، وهذا مذهب الفقهاء
(1)"المغني"(11/ 145).
(2)
"المغني"(11/ 145).
(3)
"تفسير الطبري"(4/ 320 - 321).
(4)
"الإجماع"(ص 59).
كافة" (1).
4 -
الماوردي (450 هـ) حيث قال: "أما الجمع بين الأختين، فحرام بنص الكتاب، وإجماع الأمة"(2).
5 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: "واتفقوا أن الجمع بين الأختين بعقد الزواج محرّم، واتفقوا أن نكاح الأختين، واحدة بعد واحدة؛ بعد طلاق الأخرى، أو موتها، أو انفساد نكاحها، حلال"(3).
6 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وجماعة الفقهاء متفقون أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء، كما لا يحل ذلك في النكاح"(4). وقال أيضًا: "وقد أجمعوا على أنه لا يجوز العقد على أخت الزوجة"(5). ونقله عنه القرطبي (6).
7 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن المحرمات في كتاب اللَّه أربع عشرة: . . . والجمع بين الأختين من النسب والرضاع"(7). وقال أيضًا: "واتفقوا على أنه لا يجوز الجمع بين الأختين في استباحة الوطء بملك اليمين، ولا بعقد النكاح"(8). ونقله عنه ابن قاسم (9).
8 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: "لا خلاف في أن الجمع بين الأختين في النكاح حرام"(10). وقال أيضًا: "وأما نكاح المحارم، والجمع بين خمس نسوة، والجمع بين الأختين، فقد ذكر الكرخي أن ذلك كله فاسد في حكم الإسلام بالإجماع"(11).
9 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه لا يجمع بين الأختين بعقد نكاح"(12). ونقله عنه ابن قاسم (13).
10 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "الضرب الثاني: تحريم الجمع، والمذكور
(1)"عيون المجالس"(3/ 1081).
(2)
"الحاوي"(11/ 276).
(3)
"مراتب الإجماع"(ص 122).
(4)
"الاستذكار"(5/ 487).
(5)
"الاستذكار"(5/ 490).
(6)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 103).
(7)
"الإفصاح"(2/ 105).
(8)
"الإفصاح"(2/ 103).
(9)
"حاشية الروض المربع"(6/ 300).
(10)
"بدائع الصنائع"(3/ 429).
(11)
"بدائع الصنائع"(3/ 561).
(12)
"بداية المجتهد"(2/ 70).
(13)
"حاشية الروض المربع"(6/ 294).
في الكتاب الجمع بين الأختين، سواء كانتا من نسب أو رضاع، حرتين كانتا أو أمتين، أو حرة وأمة، من أبوين كانتا، أو من أب، أو أم، وسواء في هذا ما قبل الدخول أو بعده؛ لعموم الآية. . . وليس في هذا بحمد اللَّه اختلاف، وليس فيه تفريع" (1).
11 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "وأجمعت الأمة على منع جمعهما في عقد واحد من النكاح. . . يجوز الجمع بينهما في الملك بإجماع، وكذلك المرأة وابنتها؛ صفة واحدة"(2).
12 -
القرافي (684 هـ) حيث قال: "ويحرم الجمع في عدة الرجعية اتفاقًا؛ لأنها زوجة"(3).
13 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "فلا يجمع بين الأختين، ولا بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، وهذا أيضًا متفق عليه"(4).
14 -
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: "والجمع بين الأختين في التزويج حرام، سواء كانتا شقيقتين، أم من أب، أم من أم، وسواء النسب والرضاع"(5).
15 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "حرمة الجمع بين الأختين بلا خلاف"(6). وقال أيضًا: "ثبتت الحرمة في الجميع (7) نصًّا، وإجماعًا"(8).
16 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "واتفق الأئمة على تحريم الجمع بين الأختين في النكاح"(9).
17 -
ابن قاسم (1392 هـ) حيث قال: "أي: وحرّم عليكم أن تجمعوا بين الأختين معًا في التزويج، وكذا ملك اليمين، وأجمع عليه أهل العلم من الصحابة، والتابعين، والأئمة، وسائر السلف"(10).
(1)"المغني"(9/ 519).
(2)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 102).
(3)
"الفروق"(3/ 232).
(4)
"مجموع الفتاوى"(32/ 69).
(5)
"فتح الباري"(9/ 193).
(6)
"عمدة القاري"(20/ 95).
(7)
أي: المحرمات المنصوص على تحريمهن في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23].
(8)
"البناية شرح الهداية"(4/ 511).
(9)
"الميزان"(3/ 188).
(10)
"حاشية الروض المربع"(6/ 295).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على تحريم الجمع بين الأختين، سواء كان بنكاح، أو وطء في ملك يمين، هو قول جابر بن زيد، وعطاء، وطاوس، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور (1).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] معطوفًا على قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23].
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: "لا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن"(2).
3 -
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين"(3).
• وجه الدلالة من هذه النصوص: دلت هذه النصوص على تحريم الجمع بين الأختين في عقد واحد.
• الخلاف في المسألة: أولًا: كره الإمام أحمد في رواية عنه الجمع بين الأختين في الوطء بملك اليمين (4)، ونُقل القول بالكراهة عن عمر، وعثمان، وعلي، وعمار بن ياسر (5)، وابن عمر، وابن مسعود، ومعاوية رضي الله عنهم (6).
• أدلة هذا القول:
1 -
ما روي عن علي وابن عباس أنهما قالا: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، ولم أكن لأفعله (7).
(1)"الإشراف"(1/ 81).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
قال ابن حجر: ويروى: "ملعون من جمع ماءه في رحم أختين"، ذكره ابن الجوزي في "التحقيق"(2/ 273)، قال ابن حجر: لا أصل له بهذين اللفظين. وقال الزيلعي: حديث غريب. انظر: "التلخيص الحبير"(3/ 166)، "نصب الراية"(3/ 215).
(4)
"الإنصاف"(8/ 125)، "الروايتين والوجهين"(2/ 98).
(5)
هو أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عامر، من مذحج، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، أسلم بعد بضعة وثلاثين، وهو ممن عُذب في اللَّه، ولّاه عمر على الكوفة، ثم عزله بعد حين، صحِب عليا، وشهد معه الجمل وصفين، وقتل بها، وعمره 94 سنة، عام (37 هـ). انظر ترجمته في:"أسد الغابة"(4/ 122)، "الإصابة"(4/ 473).
(6)
"الإشراف"(1/ 80)، "المغني"(9/ 537).
(7)
أخرج البيهقي في "الكبرى" الأثرين عن علي وابن عباس (7/ 164). =
2 -
ما روي أن عثمان رضي الله عنه سئل عن الأختين في ملك اليمين، فقال: لا آمرك، ولا أنهاك، أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فخرج الرجل من عنده، فلقي عليًّا، فذكر له ذلك، فقال: لو كان لي من الأمر شيء لجعلت من فعل ذلك نكالًا (1).
3 -
أن الجمع المُحرِّم جمعان: جمع من حيث العدد؛ وهو جمع بين خمس نسوة، وجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها، أو خالتها، فلما كان الجمع من حيث العدد يختص بالنكاح، وليس بملك اليمين، كان الجمع الآخر مثله (2).
ثانيًا: ذهب داود إلى القول بجواز الجمع بين الأختين في الوطء بملك اليمين (3).
• أدلة هذا القول:
1 -
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)} [المؤمنون: 5، 6].
2 -
أن حكم الحرائر في الوطء مخالف لحكم الإماء، إذ يباح وطء أي عدد من الإماء بلا حصر، ولا يباح من الحرائر سوى أربع (4).
ثالثًا: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه ذكرها أبو الخطاب (5)، وابن حزم (6)، إلى القول بأن من اجتمع في ملكه أختان، فقد حرمتا عليه، حتى تخرج واحدة منهما من ملكه، ببيع، أو هبة، أو موت، ونحو ذلك. وهو قول النخعي، والحكم بن عتيبة، وحمّاد بن أبي سليمان (7).
• دليل هذا القول: قال تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23]. ومعنى هذا: أن اللَّه تعالى غفر لهم الجمع بين الأختين فيما سلف من أمرهم، فيحرم بعد ذلك (8).
النتيجة:
أولًا: تحقق الإجماع على أنه يحرم الجمع بين الأختين في النكاح، ولا مخالف في هذا.
= الآية التي أحلتهما هي قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6]، والآية التي حرمتهما:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23].
(1)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(7/ 164).
(2)
"الروايتين والوجهين"(2/ 98).
(3)
"المغني"(9/ 538).
(4)
"المغني"(9/ 538).
(5)
"المغني"(9/ 538)، "الإنصاف"(8/ 125).
(6)
"المحلى"(9/ 132).
(7)
"الإشراف"(1/ 81)، "المغني"(9/ 538).
(8)
"المحلى"(9/ 132).