الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في هذه المسألة بحسب بضاعتنا المزجاة من الكتب، وإلا فالذي لم نقف عليه من ذلك كثير" (1).
ثالثًا: لا ينظر لمن لم يوقع شيئًا من طلاق الثلاث؛ لما يأتي:
1 -
هذا القول ليس من أقوال أهل السنة، فقد حكي للإمام أحمد فأنكره وقال: هو قول الرافضة (2).
2 -
هذا القول مبتدع لا يعرف لقائله سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان (3).
3 -
ما ذهب إليه الحجاج بن أرطاه، وابن إسحاق موافق لقول أهل البدع، وهما ليسا من أهل الفقه، كما قال ابن عبد البر (4).
4 -
اختلف النقل عن الحجاج بن أرطاه، فتارة توصف الرواية عنه بأنه لا يرى وقوع الطلاق بالرواية المشهورة، وتارة توصف الرواية عنه بأنه يرى الثلاث واقعة ثلاثًا بأنها المشهورة (5).
[11 - 186] طلاق الواحدة، أو الثلاث يقع بغير المدخول بها، وتَبيِن به:
إذا طلق الرجل امرأته واحدة أو ثلاثًا، وكانت غير مدخول بها؛ فإن الطلاق يلحق بها على أي عدد كان، وتصبح بائنًا، فلا تحل له إلا بعقد جديد إن طلقها واحدة، أو بعد زوج إن طلقها ثلاثًا، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن من طلق زوجته ولم يدخل بها طلقة أنها قد بانت منه، ولا تحل له إلا بنكاح جديد، ولا عدة عليها"(6).
2 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "وهذا إجماع من العلماء أن البكر والثيب إذا لم يدخل بهما فحكمهما إذا طلقهما قبل الدخول سواء؛ لأن العلة الدخول بها، وبكل واحدة منهما"(7). وقال أيضًا: ". . . في طلاق الثلاث أنها لازمة في المدخول بها
(1)"إغاثة اللهفان"(1/ 323 - 329).
(2)
"زاد المعاد"(5/ 248).
(3)
"مجموع الفتاوى"(33/ 82).
(4)
"الاستذكار"(6/ 8).
(5)
"شرح مسلم" للنووي (10/ 60)، "الجامع لأحكام القرآن"(3/ 120).
(6)
"الإجماع"(ص 64).
(7)
"الاستذكار"(6/ 112).
وغير المدخول بها أنه لا تحل حتى تنكح زوجًا غيره، وعلى هذا جماعة العلماء والفقهاء بالحجاز والعراق والشام والمشرق والمغرب من أهل الفقه والحديث، وهم الجماعة والحجة" (1).
3 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه إذا قال الزوج لغير المدخول بها: أنت طالق ثلاثًا، طلقت ثلاثًا"(2).
4 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "اتفقوا على أن البينونة إنما توجد للطلاق من قِبَل عدم الدخول، ومن قِبَل عدد التطليقات"(3).
5 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: ". . . فأما غير المدخول بها فلا تطلق إلا طلقة واحدة، ذكره الحكم عن علي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود. . . ولأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا نعلم لهم مخالفًا في عصرهم، فيكون إجماعًا"(4).
6 -
قاضي صفد (بعد 780 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أن الزوج إذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق، طلقت ثلاثًا"(5).
7 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "لو قال لغير المدخول بها: أنت طالق ثلاثًا، تطلق ثلاثًا بالاتفاق"(6).
8 -
ابن نجيم (970 هـ) حيث قال: ". . . طلَّق غير المدخول بها ثلاثًا، وقعن، سواء قال: أوقعت عليك ثلاث تطليقات، أو أنت طالق ثلاثًا، ولا خلاف"(7).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من أن طلاق الواحدة، وطلاق الثلاث يلحق غير المدخول بها على الصفة التي قالها المطلِّق، وتبين به وافق عليه ابن حزم (8). وهو قول عمر، وعلي، وابن عباس، وأبي هريرة، وعبد اللَّه بن عمرو، وابن مسعود، وأنس بن مالك، وعائشة، وأم سلمة رضي الله عنهم، والحسن البصري في رواية، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين، وعكرمة، والنخعي، والشعبي، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، والثوري (9).
(1)"التمهيد"(23/ 378).
(2)
"الإفصاح"(2/ 125).
(3)
"بداية المجتهد"(2/ 103).
(4)
"المغني"(10/ 491).
(5)
"رحمة الأمة"(ص 231).
(6)
"البناية شرح الهداية"(5/ 334).
(7)
"البحر الرائق"(3/ 314).
(8)
"المحلى"(9/ 414).
(9)
"البناية شرح الهداية"(5/ 354)، "إغاثة اللهفان"(1/ 290).
• مستند الإجماع: أن المطلق قد أتى بالعدد الذي تصير به المرأة طالقًا، فتصير الصيغة الموضوعة لإنشاء الطلاق متوقعًا حكمها عند ذكر العدد (1).
• الخلاف في المسألة: أولًا: إذا طلق الرجل امرأته غير المدخول بها ثلاثا، فلا يقع إلا واحدة. وهو قول الحسن البصري في رواية، وسعيد بن جبير، وعطاء، وأبي الشعثاء (2)، وعمرو بن دينار (3).
• دليل هذا القول: عن طاوس أن رجلًا يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرًا من إمارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال: أُجيزهن عليهم (4).
• وجه الدلالة: تأول أصحاب هذا القول أن طلاق غير المدخول بها ثلاثًا يقع واحدة، وهو الذي كان على زمان النبي صلى الله عليه وسلم (5).
ثانيًا: بالإضافة إلى ما سبق من حكاية الإجماع على أن طلاق الواحدة أو الثلاث تقع على غير المدخول بها، وذكر الخلاف في ذلك، فقد اختلف الفقهاء في حكم طلاق غير المدخول بها في حالتين؛ بناءً على اختلاف صيغة اللفظ بالطلاق.
الحالة الأولى: إذا قال الزوج لغير المدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.
الحالة الثانية: أن يقول لها: أنت طالق، وطالق، وطالق.
الحالة الأولى: إذا قال الزوج لغير المدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.
(1)"المغني"(10/ 495)، "البحر الرائق"(3/ 314).
(2)
هو جابر بن زيد، وقد سبقت ترجمته.
(3)
"الحاوي"(13/ 51)، "البناية شرح الهداية"(5/ 354)، "زاد المعاد"(5/ 248)، "إغاثة اللهفان"(1/ 291).
(4)
سبق تخريجه.
(5)
"إغاثة اللهفان"(1/ 291).
خلاف بين الفقهاء في اعتبار التلفظ بالطلاق بهذه الصيغة هل يقع واحدة أم ثلاثًا، وهذا الخلاف على قولين:
القول الأول: يرى الحنفية (1)، والشافعية في "الجديد"(2)، والحنابلة في المذهب (3) أن التلفظ بالطلاق بهذه الصيغة لا يقع إلا واحدة، سواء قال ذلك واحدة أو أكثر.
وقال به على، وزيد، وابن مسعود رضي الله عنهم، وعكرمة، والنخعي، وحمّاد بن أبي سليمان، والثوري، وأبو عبيد، وابن المنذر (4).
• دليل هذا القول: أن المرأة غير المدخول بها قد بانت بالطلقة الأولى، فيقع ما بعدها لغوًا؛ لأنه أوقعه على طلاق بائن (5).
القول الثاني: يرى المالكية (6)، والإمام الشافعي في القديم (7)، والحنابلة في رواية (8)، أنه يقع ما تلفظ به بهذه الصيغة، فإن كانت واحدة وقعت واحدة، وإن كانت اثنتين وقعت اثنتين، وإن كانت ثلاثًا وقعت ثلاثًا، وهو قول الأوزاعي، والليث (9).
• دليل هذا القول: وقع لفظ الطلاق هنا متصلًا، فيقتضي وقوعه تامًا كما تلفظ به المطلق (10).
الحالة الثانية: أن يقول لها: أنت طالق، وطالق، وطالق.
إذا وقع الطلاق بهذه الصيغة، فقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك على قولين:
(1)"فتح القدير"(4/ 41)، "البحر الرائق"(3/ 314).
(2)
"الحاوي"(13/ 52)، "البيان"(10/ 115).
(3)
"الكافي"(4/ 463)، "الإنصاف"(9/ 25).
(4)
"المغني"(10/ 491)، "البحر الرائق"(3/ 314)، "الإقناع" لابن المنذر (ص 241).
(5)
"المغني"(10/ 491)، "الكافي"(4/ 463).
(6)
"الكافي" لابن عبد البر (ص 262)، "القوانين الفقهية"(ص 228).
(7)
"الحاوي"(13/ 52)، "البيان"(10/ 115).
(8)
"الإنصاف"(9/ 25)، "الفروع"(9/ 64).
(9)
"المغني"(10/ 491).
(10)
"الحاوي"(13/ 52)، "المغني"(10/ 495).