الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[9 - 505] يجوز بيع المدبر المقيد:
قسَّم الفقهاء التدبير إلى قسمين: تدبير مطلق، وتدبير مقيد (1).
فالتدبير المطلق أن يقول السيد لعبده: أنت مدبر، أو إن مت فأنت حر. والتدبير المقيد أن يقول السيد لعبده: أنت حر إن مت في هذه السنة، أو في هذا الشهر، ونحو ذلك.
وعلى هذا فقد نُقل الإجماع على جواز بيع المدبر المقيد.
• من نقل الإجماع:
1 -
الكاساني (587 هـ) حيث قال: (ويجوز بيع المدبر المقيد، بالإجماع)(2).
2 -
البابرتي (786 هـ)، حيث قال في بيع المدبر:(وكما في المدبر المقيد، فإن ذلك جائز فيه، بلا خلاف)(3).
3 -
العيني (855 هـ) حيث قال: (وكما في المدبر المقيد، فإنه يجوز بالاتفاق)(4).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الحنفية من الإجماع على جواز بيع المدبر المقيد، لم يوافقهم عليه أحد من العلماء في تخصيص البيع بالمدبر المقيد فقط، ولعله يُحمل على إجماع الحنفية أنفسهم؛ فإنهم كثيرًا ما يستخدمون هذه العبارات.
• مستند الإجماع:
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المدبر لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، وهو حر من ثلث المال"(5). يحمل هذا الحديث على المدبر المطلق، فإن النهي جاء عن بيع المدبر المطلق (6).
2 -
أن التدبير وصية، بدليل أنه يعتق من ثلث المال، والوصية غير مانعة من البيع، والهبة، وغيرهما (7).
(1) انظر: "بدائع الصنائع"(5/ 370)، "البناية شرح الهداية"(6/ 88)، "الذخيرة"(11/ 210)، "بداية المجتهد"(2/ 685)، "المهذب"(2/ 375)، "البيان"(8/ 385)، "الإنصاف"(7/ 433)، "شرح الزركشي على الخرقي"(4/ 576).
(2)
"بدائع الصنائع"(5/ 385).
(3)
"العناية على الهداية"(5/ 21).
(4)
"البناية شرح الهداية"(6/ 88).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"فتح القدير"(5/ 20).
(7)
"الهداية"(1/ 350).
3 -
أن العبد يجوز بيعه قبل التدبير فيباع استصحابًا للحال؛ لأن التدبير لم يوجب زوال الرق (1).
• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب المالكية (2)، والإمام أحمد في رواية عنه (3) إلى القول بمنع بيع المدبر، سواء كان مطلقًا، أو مقيدًا.
وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، وابن سيرين، والزهري، والثوري، والأوزاعي (4).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المدبر لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث، وهو حر من ثلث المال"(5).
2 -
أن المدبر يستحق العتاق بموت المولى، فليس له بيعه، كأم الولد (6).
ثانيًا: ذهب المالكية (7)، والإمام أحمد في رواية عنه (8) إلى جواز بيع المدبر في الدَّيْن فقط.
• دليل هذا القول: عن جابر رضي الله عنه قال: أعتق رجل من بنى عذرة عبدًا له عن دُبُر، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"ألك مال غيره؟ "، فقال: لا. فقال: "من يشتريه مني؟ "، فاشتراه نعيم النحّام بثمانمائة درهم، فجاء بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه، . . . " الحديث (9). وفي بعض طرقه:"اقض دينك، وأنفق على عيالك"(10).
• وجه الدلالة: أجاز النبي صلى الله عليه وسلم بيع المدبر في الدَّيْن، فجاز بيع المدبر في ذلك الموضع، ويبقى ما عداه على المنع (11).
ثالثًا: ذهب الشافعية (12)، والحنابلة في رواية هي المذهب (13)، وابن حزم (14)،
(1)"فتح القدير"(5/ 21 - 22).
(2)
"الذخيرة"(11/ 228)، "التفريع"(2/ 10).
(3)
"شرح الزركشي على الخرقي"(4/ 576)، "الإنصاف"(7/ 438).
(4)
"الإشراف"(2/ 205)، "المغني"(14/ 420).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"الذخيرة"(11/ 228)، "الروايتين والوجهين" لأبي يعلى (3/ 115).
(7)
"المعونة"(3/ 1056)، "التفريع"(2/ 9).
(8)
"شرح الزركشي على الخرقي"(4/ 576)، "الإنصاف"(7/ 438).
(9)
سبق تخريجه.
(10)
أخرجه النسائي (5418)(8/ 179).
(11)
"الروايتين والوجهين"(3/ 115).
(12)
"المهذب"(2/ 376)، "البيان"(8/ 392).
(13)
"شرح الزركشي على الخرقي"(4/ 577)، "الإنصاف"(7/ 437).
(14)
"المحلى"(7/ 529).
إلى جواز بيع المدبر، سواء كان مدبرًا مطلقًا، أم مقيدا. وهو قول عائشة رضي الله عنها، وعمر بن عبد العزيز، وطاوس، ومجاهد (1).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن جابر رضي الله عنه قال: أعتق رجل من بني عذرة عبدًا له عن دُبُر، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"ألك مال غيره؟ ". فقال: لا. فقال: "من يشتريه مني؟ " فاشتراه نعيم النحّام بثمانمائة درهم فجاء بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فدفعها إليه. . . الحديث (2).
2 -
أن التدبير عطية تعلقت بالموت، فتعتبر من الثلث، فكان له الرجوع، كالوصية (3).
3 -
أن التدبير عتق تعلق بصفة صدرت عن قول، فلم يمنع البيع مع الحاجة وعدمها (4).
رابعًا: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أنه يباع المدبر، ولا تباع الأمة المدبرة (5).
• دليل هذه الرواية: أن بيع الجارية يقتضي إباحة فرجها، والفقهاء مختلفون في جواز بيع المدبرة، فلو أجزنا بيعها أبحنا فرجها بأمر مختلف فيه، فدخلته شبهة، فكان المنع أولى (6).
خامسًا: ذهب الإمام أحمد في رواية عنه -وهي أصح (7) - إلى أن الأَمَة المدبرة كالعبد في جواز البيع (8).
• دليل هذه الرواية: أن عائشة رضي الله عنها باعت مدبرة لها سحرتها (9). وفي هذا دليل على جواز بيع المدبرة، كالمدبر (10).
(1)"المغنى"(420/ 14).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
"الروايتين والوجهين"(3/ 115).
(4)
"الروايتين والوجهين"(3/ 115)، "الحاوى"(22/ 116).
(5)
"الروايتين والوجهين"(3/ 117)، "الإنصاف"(7/ 437).
(6)
"الروايتين والوجهين"(3/ 116).
(7)
"الروايتين والوجهين"(3/ 117).
(8)
"الروايتين والوجهين"(3/ 117)، "الإنصاف"(7/ 438).
(9)
أخرجه الدارقطني (4233)(4/ 78)، وعبد الرزاق (16667)(9/ 141)، والبيهقي في "الكبرى" (10/ 313). قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. انظر: "مجمع الزوائد"(4/ 324).
(10)
"الروايتين والوجهين"(3/ 117).