الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
الشربيني (977 هـ) حيث قال: "أسلم كتابي أو غيره، وتحته كتابية. . . دام نكاحه بالإجماع"(1).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن الزوج إذا أسلم وكانت امرأته كتابية، أنها امرأته ولا يفسخ النكاح بينهما وافق عليه الحنفية (2)، وابن حزم (3).
وهو قول عمر، وجابر، وابن عباس رضي الله عنهم، وحمّاد بن زيد (4)، والحكم بن عتيبة، وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وقتادة، والشعبي (5).
• مستند الإجماع: قال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].
• وجه الدلالة: يجوز للمسلم ابتداء نكاح الكتابية، فكان له استدامة عقد النكاح إذا أسلم من باب أولى، وإسلامه لا يفسخ العقد المتقدم، بل يصححه (6).
النتيجة:
تحقق الإجماع في أن الزوج الكافر إذا أسلم وبقيت زوجته على يهوديتها أو نصرانيتها، أن نكاحهما لا ينفسخ، بل يستمر لجواز نكاح المسلم للكتابية.
[4 - 108] إسلام أحد الزوجين قبل الدخول:
إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين، وكانت المرأة غير كتابية، وكان إسلام أحدهما قبل الدخول، فإن الفرقة تقع بينهما بمجرد إسلام أحدهما؛ لأنها إن أسلمت هي قبله، فلا يحل لكافر نكاح مسلمة، وإن أسلم هو قبلها، فلا يحل لمسلم نكاح كافرة غير كتابية، ونقل الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن الزوجين الوثنيين إذا أسلم أحدهما قبل صاحبه، ولم يدخل الزوج بالمرأة، أن الفرقة تقع
(1)"مغني المحتاج"(4/ 320).
(2)
"المبسوط"(5/ 45)، "البناية شرح الهداية"(4/ 787).
(3)
"المحلى"(5/ 368).
(4)
هو أبو إسماعيل حمّاد بن زيد الأزدي، مولاهم، من أهل الورع والدين، روى عن ثابت البناني، وأنس بن سيرين، قال ابن مهدي: لم أر قط أعلم بالسنة منه، وقال العجلي: حمّاد ثقة، كان يحدث من حفظه، توفي سنة (179 هـ). انظر ترجمته في:"تهذيب التهذيب"(3/ 9)، "شذرات الذهب"(1/ 292).
(5)
"المحلى"(5/ 368).
(6)
"المعونة"(2/ 802)، "البناية شرح الهداية"(4/ 787).
بينهما" (1)، ونقله عنه ابن قدامة (2)، وابن قاسم (3).
2 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "هذا الاختلاف في المدخول بها، فإن كانت غير مدخول بها فلا نعلم اختلافًا في انقطاع العصمة بينهما"(4).
3 -
المرداوي (885 هـ) حيث قال: "وإن أسلمت الكتابية، أو أحد الزوجين غير الكتابيين قبل الدخول: انفسخ النكاح بلا نزاع"(5).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن أحد الزوجين إذا أسلم قبل الدخول، وكانت المرأة غير كتابية، فإن الفرقة تقع من حين إسلام أحدهما، وافق عليه ابن حزم (6).
• مستند الإجماع:
1 -
قال تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10].
• وجه الدلالة: دلت الآية على أن المسلمة لا تحل لكافر، وأن المسلم لا يحل له نكاح كافرة، وأنه يفرق بينهما لاختلاف الدين (7).
2 -
إن كانت هي المسلمة فلا يجوز إبقاءها في نكاح مشرك، لانعقاد الإجماع على تحريم فروج المسلمات على الكفار (8).
3 -
أنه اختلاف دين يمنع الإقرار على النكاح، فإذا وجد قبل الدخول تعجلت الفرقة، قياسًا على الردة (9).
• الخلاف في المسألة: إذا كان إسلام أحد الزوجين الكافرين قبل الدخول، فهل تقع الفرقة بمجرد الإسلام، أم ينظر في مكان إسلام أحدهما، هل هو في دار الإسلام أم في دار الحرب، أم ينظر فيمن أسلم منهما أولًا؟ خلاف بين الفقهاء على قولين:
• القول الأول: ذهب الحنفية (10) إلى القول أن الفرقة لا تتعجل، بل ينظر؛ فإن
(1)"الإجماع"(ص 67).
(2)
"المغني"(10/ 32).
(3)
"حاشية الروض المربع"(6/ 357).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن"(18/ 60).
(5)
"الإنصاف"(8/ 210).
(6)
"المحلى"(5/ 368).
(7)
"المغني"(10/ 6).
(8)
"المغني"(10/ 10).
(9)
"المغني"(10/ 6).
(10)
"بدائع الصنائع"(3/ 618)، "البحر الرائق"(3/ 226).
كانا في دار الإسلام عرض الإسلام علي الآخر، فإن أبى وقعت الفرقة حينئذٍ، وإن كانا في دار الحرب وقف ذلك إلى انقضاء عدتها، فإن لم يسلم الآخر وقعت الفرقة. وهو قول سفيان الثوري (1).
• أدلة هذا القول:
1 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإن قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على اللَّه"(2).
• وجه الدلالة: أن الإسلام قد عصم مال الكافر ودمه بعد إسلامه، فلا بد من سبب مناسب تضاف إليه الفرقة، فلم يبقَ إلا رفضه الدخول في الإسلام حتى تضاف إليه فرقة النكاح، وهو مناسب (3).
2 -
روي أن رجلًا من بني تغلب (4) أسلمت امرأته، فعرض عمر عليه الإسلام فامتنع، ففرق بينهما (5).
• وجه الدلالة: هذا عمر رضي الله عنه لم يفرق بين الرجل وامرأته إلا بعد أن عرض الإسلام عليه (6).
• القول الثاني: ذهب الإمام مالك إلى أن المرأة إن كانت هي المسلمة عُرض على زوجها الإسلام، فإن أسلم، وإلا وقعت الفرقة، وإن كان هو المسلم تعجلت الفرقة (7).
• أدلة هذا القول: قال تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10].
• وجه الدلالة: نهى اللَّه سبحانه وتعالى المسلمين أن يبقوا على نكاح الكافرات إذا دخلوا في
(1)"الاستذكار"(5/ 522).
(2)
أخرجه البخاري (25)(1/ 14)، ومسلم (22)"شرح النووي"(1/ 182).
(3)
"فتح القدير"(3/ 419).
(4)
بنو تغلب: حي من وائل بن ربيعة من العدنانية، كانوا نصارى. انظر:"نهاية الأرب"(ص 175)، "جمهرة أنساب العرب"(ص 303).
(5)
أخرجه سعيد بن منصور (2/ 46)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 259).
(6)
"بدائع الصنائع"(3/ 619)، "فتح القدير"(3/ 419).
(7)
"الموطأ"(ص 429)، "التفريع" لابن الجلاب (2/ 102).