الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[20 - 526] يحرم على السيد وطء جارية المكاتَب، أو المكاتَبة، فإن فعل فلا حد عليه، ولسيدها المهر:
يجوز للمكاتَب أن يبيع ويشتري ويتملك، ومن وجوه التملك تملكه للإماء، فإن وطئ السيد جارية مكاتَبه فقد فعل ما يحرُم عليه، وليس عليه الحد، ولسيد الأمة المهر، ونُقل الاتفاق على ذلك.
• من نقل الاتفاق: ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: (وليس له وطء جارية مكاتَبته، ولا مكاتَبه، اتفاقًا، فإن فعل، أثم، وعُزِّر، ولا حد عليه، وعليه المهر لسيدها)(1).
• الموافقون على الاتفاق: لم أجد أحدًا من العلماء نص على هذه المسألة سوى ابن قدامة، والشربيني من الشافعية (2). على أن الفقهاء جميعًا حرّموا على السيد وطء جاريته المكاتَبة، فمن باب أولى تحريم وطء جارية المكاتَب (3).
• مستند الاتفاق:
1 -
يسقط الحد عن سيد المكاتب لوطئه جاريته؛ لشبهة الملك، لأنه يملك مالكها (4).
2 -
أن ملك السيد على مكاتبته قد ضعف، فلها مكاسبها، وأرش جنايتها، فمن باب أولى تحريم جاريتها (5).
النتيجة:
صحة ما ذكر من الاتفاق على أنه يحرم على السيد وطء جارية المكاتَب، أو المكاتَبة؛ وذلك لعدم وجود مخالف.
[21 - 527] حرية المكاتب بأداء ما عليه، وبقاؤه في الرق ما بقي عليه شيء:
إذا أدى المكاتب ما عليه من مال الكتابة، أصبح حرًّا، فإن بقي عليه شيء، فلا تتحقق الحرية له، حتى يؤدي جميع مال الكتابة، ونُقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع:
1 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: (وأجمعوا على أن
(1)"المغني"(14/ 489).
(2)
"مغني المحتاج"(6/ 493)، لكنه لم يحكِ الاتفاق في المسألة.
(3)
انظر: "مختصر الطحاوي"(ص 386)، "بدائع الصنائع"(5/ 459)، "المدونة"(2/ 459)، "الذخيرة"(11/ 290)، "التهذيب"(8/ 414)، "مغني المحتاج"(6/ 493)، "الإنصاف"(7/ 466)، "المحرر"(2/ 18)"المحلى"(8/ 239). غير أن الحنابلة، وابن حزم قالوا: إن اشترط أن يطأ جاريته أثناء الكتابة جاز الشرط، وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي ثور، فإن وطئها بلا شرط حرُم.
(4)
"المغني"(14/ 489).
(5)
"البيان"(8/ 435).
المكاتب كتابة صحيحة، إذا أدى نجومه في أوقاتها، على ما شرط عليه، أنه يعتق) (1).
2 -
ابن حزم (456 هـ) حيث قال: (واتفقوا أنة إذا كاتب السيد عبده أو أمته -كما ذكرنا- وأديا في نجومهما، لا قبلها ولا بعدها، ما كاتبهما إليه نفسه، أو إلى وكيله، في حياة السيد، على الصفة التي تعاقداها، أنهما حرّان، كذا إذا أُديَ ذلك عنهما" (2).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: (أجمع الفقهاء أن المكاتَب عبد ما بقي عليه درهم)(3).
4 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: (واتفقوا على أنه إذا قال: كاتبتك على ألف درهم، أو نحوها؛ فإنه متى أداها عتق)(4). ونقله عنه ابن قاسم (5).
5 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: (اتفقوا على أنه يخرج من الرق إذا أدى جميع الكتابة)(6).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أن المكاتَب لا يصبح حرًّا إلا بأداء جميع ما عليه، وافق عليه الحنفية (7).
وهو قول عمر في رواية عنه، وابن عمر، وزيد، وعائشة، وأم سلمة رضي الله عنهم، وسعيد ابن المسيب، والزهري، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد اللَّه، وسليمان ابن يسار، وعطاء، وقتادة، والثوري، وابن شبرمة، وإسحاق، والأوزاعي (8).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم"(9).
2 -
عن سليمان بن يسار قال: استأذنت على عائشة فقالت: من هذا؟ فقلت: سليمان. قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك؟ قلت: عشر أواق. قالت: ادخل فإنك
(1)"الإجماع"(ص 93).
(2)
"مراتب الإجماع"(ص 263 - 264).
(3)
"الاستذكار"(7/ 397).
(4)
"الإفصاح"(2/ 308).
(5)
"حاشية الروض المربع"(6/ 212).
(6)
"بداية المجتهد"(2/ 672).
(7)
"الهداية"(2/ 283)، "العناية على الهداية"(9/ 156).
(8)
"السنن الكبرى" للبيهقي (10/ 325 - 326)، "مصنف عبد الرزاق"(8/ (407 - 409)، "الإشراف"(2/ 194)، "المغني"(14/ 425).
(9)
سبق تخريجه.
عبد ما بقي عليك درهم (1).
3 -
عن أبي قلابة قال: كن أزواج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار (2).
• الخلاف في المسألة: أولًا: لم يختلف الفقهاء في أن المكاتَب يُعتق بأداء كل ما عليه من دين الكتابة.
ثانيًا: ذكر ابن عبد البر الإجماع على أن المكاتَب عبد ما بقي عليه درهم، وهذا غير صحيح؛ فقد وقع خلاف في المسألة، وهذا الخلاف على أقوال:
• القول الأول: ذهب ابن حزم (3)، إلى أن المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى، ويرق منه بقدر ما بقي، وهو قول علي، وابن عباس رضي الله عنهما (4).
• دليل هذا القول: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المكاتَب يعتق منه بقدر ما أدى، ويقام عليه الحد بقدر ما أدى، ويرث بقدر ما يعتق منه"(5).
• وجه الدلالة: هذا حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المكاتَب، فإنه يُعتق منه بقدر ما أدى، ويرق منه ما لم يُؤَدّ، ويكون للورثة، والموصى لهم، والغرماء، فتبطل الكتابة (6).
• القول الثاني: إذا أدى المكاتب النصف، فلا يرق، وهو غريم، يسعى في تأدية ما بقي، وهو قول عن عمر، وعلي رضي الله عنهما، والنخعي (7).
• القول الثالث: إذا أدى الثلث فلا يرق، وهو غريم، وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه، وشريح (8).
(1) أخرجه البيهقي في "الكبرى"(10/ 325)، وعبد الرزاق (15727)(8/ 408)، قال الألباني: صحيح الإسناد. انظر: "إرواء الغليل"(6/ 182).
(2)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(10/ 325)، وعبد الرزاق - (15727)(8/ 408).
(3)
"المحلى"(7/ 526).
(4)
البيهقي في "الكبرى"(10/ 325)، وعبد الرزاق في "المصنف"(15731)(8/ 409)، "المحلى" (7/ 527). قال البيهقي: وفي ثبوته عن علي نظر، واللَّه أعلم. وقال ابن حزم: هذا إسناد في غاية الصحة. انظر: "السنن الكبرى "للبيهقي (10/ 327)، "المحلى"(7/ 529).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
"المحلى"(8/ 241).
(7)
"الإشراف"(2/ 194)، والبيهقي في "الكبرى"(10/ 325)، وضعّف هذا القول عن عمر.
(8)
البيهقي في"الكبرى"(10/ 325)، "الإشراف"(2/ 194).