الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: عدم تحقق الإجماع في تحريم الجمع بين الأختين بملك اليمين؛ لوجود خلاف قديم عن بعض الصحابة، القائلين بالكراهة، وخلاف داود القائل بالإباحة، وخلاف الإمام أحمد في رواية عنه، وابن حزم القائل بتحريم الأختين إذا اجتمعتا في ملك رجل بملك اليمين حتى يخرج إحداهما من ملكه.
ثالثًا: فيما ذكر من الخلاف في الجمع بين الأختين بملك يمين، فإن الأولى فعل ما هو أحوط في ترك وطء إحداهما؛ لما يأتي:
1 -
ما قيل: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، فالأخذ بالمحرَّم أولى عند التعارض؛ احتياطًا للحرمة، حيث إن الإثم يلحق بارتكاب المحرم، ولا إثم في ترك المباح (1).
2 -
الأصل في الأبضاع التحريم، ولا تُستباح إلا بدليل، فإذا تعارض دليل الحل ودليل الحرمة تدافعا، فيعمل بالأصل (2).
3 -
أن عثمان رضي الله عنه رجع إلى قول الجمهور، فإن لم يرجع، فالإجماع اللاحق يرفع الخلاف -على رأي الحنفية- السابق (3).
4 -
أن حل الملك ليس فيه أكثر من بيان جهة الحل وسببه، ولا تعرّض فيه لشروط الحل، ولا لموانعه؛ وآية التحريم فيها بيان موانع الحل من النسب والرضاع والصهر وغيره، فلا تعارض بينهما البتة، وإلا كان كل موضع ذكر فيه شرط الحل وموانعه معارضًا لمقتضى الحل، وهذا باطل قطعًا، بل هو بيان لما سكت عنه دليل الحل من الشروط والموانع (4).
5 -
لو جاز الجمع بين الأختين المملوكتين في الوطء، جاز الجمع بين الأم وابنتها المملوكتين، فإن نص التحريم شامل للصورتين شمولًا واحدًا، وإن إباحة المملوكات إذا عمّت الأختين، عمّت الأم وبناتها (5).
[7 - 57] تحريم الجمع بن المرأة وعمتها، أو خالتها:
يحرم الجمع في النكاح بين المرأة وعمتها، أو خالتها، ونقل الإجماع على ذلك
(1)"بدائع الصنائع"(3/ 441).
(2)
"بدائع الصنائع"(3/ 441).
(3)
"فتح القدير"(3/ 212). وقال ابن الهمام بعد ذلك: وإنما يتم ذلك إذا لم يعتد بخلاف أهل الظاهر.
(4)
"زاد المعاد"(5/ 126).
(5)
"زاد المعاد"(5/ 126).
جمع من أهل العلم.
• من نقل الإجماع:
1 -
الشافعي (204 هـ) حيث قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها".
وبهذا نأخذ، وهو قول من لقيت من المفتين لا اختلاف بينهم فيما علمته" (1). ونقله عنه ابن حجر (2)، والصنعاني (3)، والشوكاني (4).
2 -
ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: "وأجمعوا على أن لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى"(5).
3 -
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: "أجمع العلماء على القول بهذا الحديث، فلا يجوز عند جميعهم نكاح المرأة على عمتها وإن علت، ولا على ابنة أخيها وإن سفلت، ولا على خالتها وإن علت، ولا على ابنة أختها وإن سفلت، والرضاعة في ذلك كالنسب"(6). وذكره في الاستذكار (7). ونقله عنه العيني (8)، والشوكاني (9). وقال أيضًا:"وأجمعت الأمة كلها على القول بحديث هذا الباب (10)، على حسب ما وصفناه"(11).
4 -
ابن العربي (546 هـ) حيث قال: ". . . فإن ما ذكر في هذا الحديث على اختلاف روايته ثابت بالإجماع"(12).
5 -
ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: "واتفقوا على أنه لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها"(13). وقال أيضًا: "اتفقوا على أن عمة العمة تنزل في التحريم منزلة العمة، إذا كانت العمة الأولى أخت الأب لأبيه، واتفقوا على أن خالة الخالة تنزل في التحريم منزلة الخالة، إذا كانت الخالة الأولى أخت الأم لأمها"(14). ونقله عنه ابن قاسم (15).
(1)"الأم"(5/ 6).
(2)
"فتح الباري"(9/ 195).
(3)
"سبل السلام"(3/ 240).
(4)
"نيل الأوطار"(6/ 264).
(5)
"الإجماع"(ص 59).
(6)
"التمهيد"(18/ 248).
(7)
"الاستذكار"(5/ 451).
(8)
"البناية شرح الهداية"(4/ 521).
(9)
"نيل الأوطار"(6/ 264).
(10)
أي: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
(11)
"الاستذكار"(5/ 452).
(12)
"عارضة الأحوذي"(5/ 45).
(13)
"الإفصاح"(2/ 103).
(14)
"الإفصاح"(2/ 105).
(15)
"حاشية الروض المربع"(6/ 294).
6 -
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: "واتفقوا - فيما أعلم - على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها"(1).
7 -
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: "قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به. وليس فيه بحمد اللَّه اختلاف"(2).
8 -
القرطبي (671 هـ) حيث قال: "وهذا الحديث مجمع على العمل به في تحريم الجمع بين من ذكر فيه بالنكاح"(3). ونقله عنه الشوكاني (4).
9 -
النووي (676 هـ) حيث قال: "يحرم الجمع بين المرأة وعمتها، وبينها وبين خالتها، سواء كانت عمة وخالة حقيقة، وهي: أخت الأب، وأخت الأم، أو مجازية، وهي: أخت أبي الأب، وأبي الجد وإن علا، أو أخت أم الأم، وأم الجدة من جهتي الأم والأب، وإن علت، فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما"(5).
10 -
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: "وأما تحريم الجمع: فلا يجمع بين الأختين بنص القرآن، ولا بين المرأة وخالتها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى، . . . وهذا متفق عليه بين العلماء"(6). وقال أيضًا: "والجمع بين المرأة وخالة أبيها وخالة أمها، أو عمة أبيها أو عمة أمها؛ كالجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، عند أئمة المسلمين، وذلك حرام باتفاقهم"(7).
11 -
العيني (855 هـ) حيث قال: "أجمع العلماء على القول بهذا الحديث؛ فلا يجوز عند جميعهم نكاح المرأة على عمتها وإن علت، ولا على ابنة أخيها وإن سفلت، ولا على خالتها وإن علت، ولا على ابنة أختها وإن سفلت"(8).
12 -
الشعراني (973 هـ) حيث قال: "واتفق الأئمة على تحريم الجمع بين الأختين في النكاح، وكذا بين المرأة وعمتها أو خالتها"(9).
• الموافقون على الإجماع: ما ذكره الجمهور من الإجماع على أنه يحرم الجمع بين
(1)"بداية المجتهد"(2/ 71).
(2)
"المغني"(9/ 522).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 110).
(4)
"نيل الأوطار"(6/ 264).
(5)
"شرح مسلم"(9/ 161).
(6)
"مجموع الفتاوى"(32/ 68 - 69).
(7)
"مجموع الفتاوى"(32/ 76)، وانظر:"مختصر الفتاوى المصرية"(ص 426).
(8)
"عمدة القاري"(20/ 107).
(9)
"الميزان"(3/ 188).
المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وافق عليه ابن حزم (1).
وهو قول سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعطاء، ومجاهد، والأوزاعي، والثوري، وأبي عبيد، وأبي ثور (2).
• مستند الإجماع:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها"(3).
2 -
وعن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها (4).
3 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها، أو المرأة على خالتها، أو الخالة على ابنة أختها، ولا تنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى (5).
4 -
قال الترمذي: وفي الباب عن علي، وابن عباس، وابن عمر، وعبد اللَّه بن عمرو، وأبي سعيد، وجابر، وعائشة، وأبي موسى، وسمرة بن جندب (6).
• وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، والنهي يفيد التحريم.
• الخلاف في المسألة: لم ينقل عن أحد من أهل السنة خلاف في هذه المسألة إلا عثمان البتي، فإنه قال: الجمع فيما سوى الأختين، وسوى المرأة وابنتها، ليس بحرام (7).
ونُقل الخلاف عن الخوارج والشيعة فأباحوا ذلك (8).
(1)"المحلى"(9/ 136).
(2)
"الإشراف"(1/ 81).
(3)
أخرجه البخاري (5109)(6/ 156)، ومسلم (1408)"شرح النووي"(9/ 160).
(4)
أخرجه البخاري (5108)(6/ 156).
(5)
أخرجه أبو داود (2065)(2/ 224)، والترمذي (1129) (2/ 367). قال الترمذي: أدرك الشعبي أبا هريرة، وروى عنه. وسألت محمدًا -أي البخاري - عن هذا؛ فقال: صحيح.
(6)
"سنن الترمذي"(2/ 367).
(7)
"بدائع الصنائع"(3/ 430)، "المحلى"(9/ 136)، "فتح الباري"(9/ 195)، "فتح القدير"(3/ 218).
(8)
"الإجماع"(ص 59)، "المغني"(9/ 522)، "شرح مسلم للنووي"(9/ 160)، "شرح مسلم للقرطبي"(4/ 101)، "فتح الباري"(9/ 195)، "فتح القدير"(3/ 218).