الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي أحد الزملاء توفاه الله وهو شاب فى الثانية والثلاثين من عمره، وله زوجة وبنت أربع سنوات ونصف وولد لم يتجاوز السنة، وكان يعمل فى أحد المصانع مغتربا في السودان، المرحوم كانت له تجارة في مصر وله ورث عن أبيه كما له قطعة أرض وعليها قسطان قطعة الأرض لوالدته نصيب بها، وكان يمتلك فى السودان أغراضا منزليه للمعيشة وفيسبه، بعد وفاته توليت بيع أغراضه الموجودة كما أن له مبلغا من التأمينات والمكافأة من الشركة وسوف أتسلمها نيابة عن زوجته الموجودة فى مصر الآن، فهل يجب علي أن أرسل المبلغ بالكامل إلى أولاده وزوجته أم أن لوالدته نصيبا وكم يبلغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للأم السدس فرضا من تركة المتوفى؛ لوجود الفرع الوارث، كما قال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11} ، وهذا السدس يتعلق بكل ما يملكه المتوفى في حياته، سواء في بلده أو غيرها.. وأما بالنسبة لمبلغ التأمينات ومكافآت الشركة، فإن كان مقتطعا في الأصل من راتب المتوفى في حياته، فسبيله سبيل الميراث، إلا أن يكون التأمين تجاريا لا تعاونيا ولا تكافليا، فعندئذ لا يحل للورثة أن يأخذوا منه إلا بقدر ما أُخذ من الميت في حياته.
وإن كانت هذه المبالغ منحة من الشركة، فيرجع فيها لنظام الشركة، فإن كانت تصرفه لبعض الورثة كالزوجة أو الأولاد خاصة، فهي لهم دون بقية الورثة، وإن كانت تصرفه للورثة جميعا، فللأم فيها السدس أيضا كما سبق، وللزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ {النساء:12} ، والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11} .
وأما ما فعلته هذه الأم من استيلائها على أموال ابنها ومنعها لزوجته من ميراثها، فلا يجوز لها شرعا، ويجب عليها إيصال الميراث لمستحقيه، فقد قال الله تعالى بعد أن بيَّن أنصبة المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13-14} ، أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها. تفسير السعدي.
فليس للأم من ميراث ابنها من أبيه إلا السدس فقط، والثُمُنُ للزوجة، والباقي لأولاده، كما سبق
…
وبالنسبة لأثاث المنزل فهو يدخل في الميراث بلا خلاف، إن كان ملكا خالصا للابن المتوفى، وبالنسبة لمبلغ صندوق الزمالة، فإن كان نظام هذا الصندوق شرعيا تعاونيا، خاليا من المحاذير الشرعية، فيرجع فيما يصرف منه إلى النظام المعمول به في هذا الصندوق، فإن كان مخصصا لبعض الورثة فهو لهم دون بقيتهم، وإن كان للورثة جميعا، فيقسم بينهم كما سبق
…
وإن كان نظام الصندوق ليس تعاونيا، بل مبناه على المخاطرة والغرر والجهالة أو الربا، فلا يجوز أن يُؤخَذ منه إلا مقدار ما دفعه المتوفى، وعندئذ يقسم كقسمة بقية التركة على جميع الورثة، كما سبق
…
وبالنسبة للمبلغ الذي تم جمعه من زملائه فيوزع حسب إرادة المتبرعين، فمثلا إن كان جُمِع لأولاد المتوفى خصوصا فهو لهم وحدهم، وهكذا..
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429