الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البر بالأم لا ينافي المطالبة بالميراث بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك أبي المتوفى حديثا لي ولأخي إرثا تشترك فيه زوجة أخرى، وأختي القاصر. وقد كان يعيش بمحافظة بعيدة عن محافظتي، وقد ترك شقة تمليك التي كان يعيش بها مع زوجته، وشقة تمليك تساوي 200 ألف، ومحلا وشقة يؤجرهم للغير ثمنهما حوالي 150ألف جنيه، ومبلغا بالبنك 100 ألف جنيه، وأرضا ليس لها سعر كبير تصح الاستفادة منها مستقبلاً، وشقة مناصفة مع أبناء عمي تساوي 100 ألف جنيه، ويوجد أرض لم يتكلم عنها أحد، علمت أن أبي كان ينتظر مال محصولها لاستكمال علاجه ولم يذكرها أحد. فكيف لنا أن نعرفها أو نجدها؟ وقد طلبت زوجة أبي أن تأخذ الشقة وتتنازل هي وأختي عن باقي الإرث، وبعد الموافقة وبعد أن تبين أن سعر بعض الإرث مرتفع أصبحت تريد أن نتنازل عن الشقة، وتدخل معنا مشاعا في الباقي وتتحجج بأختي القاصر، علما بأن باقي الإرث لن يكفي أيضا هذه المقايضة، علما أيضا أنها حاليا تفتعل المشاكل مع أبناء عمي عندما علمت أنهم يريدون شراء الشقة التي نناصفهم بها وتقول أنا سأشتري، مع العلم بأنها كانت تقول سابقا إنها لا تملك شيئا بالمرة وكلما جاء أحد يشتري شيئا تقول أنا لن أبيع، أنا المتصرفه في كل شيء، وأشعر أن هذه التصرفات إما طمع أو مقايضة على ما لي ولأخي من إرث للخروج بأكبر مكسب، لأنها تعلم حاجتي وأخي للمال وعدم قدرتنا على فعل شيء يضر بصلة الرحم، ولن نجري خلف المال على حساب أمور معنوية أهم، فكيف نستطيع تجنيب حقهن وحقنا بما لا يظلم أحدا؟ وما هي الإجراءات القانونية السليمة الواجب اتباعها ليعرف كل ذي حق حقه بدون قضايا ومشاكل قد تؤثر على صلات الأرحام، مع إبطال حجة المجلس الحسبي التي تتحجج به كل وقت وآخر، وأنا حاليا مسافر وعندما يخاطبها أخي وأمي بخصوص مالنا تكون برأي،وعندما أكلمها تغير كلامها وكل ما نود أن نأخذ حقنا بما يرضي الله وبدون أي مشاكل قانونية أو غير قانونية تؤثر على صلة الرحم
حيث إننا في أمس الحاجة لهذا المال، أنا مقبل على الزواج وأخي متخرج جديد، وحتى أبي المتوفى كان عليه التزامات يجب أن نوفيها ويعذب في قبره بسببها، ومع ذلك توجد مساومة ومماطلة وأشعر بنية غير سليمة فيما يحدث. فما هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذا الموقف بأقل أضرار وبدون مشاكل، فأفيدونا؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أولاً أن تسعى في قضاء ما على أبيك من ديون، وإنفاذ وصيته إن كان قد ترك وصية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وما بقي بعد ذلك من مال وعقار فيجب تقسيمه على الورثة الشرعيين، وكون أختك قاصراً لا يمنع قسمة التركة، فالتركة تقسم القسمة الشرعية، ويتولى الوصي على القاصر التصرف في أموالهم بالمعروف والأصلح لهم. وإن اتفق الورثة على إرجاء التقسيم فلا بأس، وينوب عن القاصر في الموافقة من عدمها وليه، ومتى طلب الورثة قسمة التركة وجبت قسمتها، وإذا طالب أحدهم بنصيبه فيجب إعطاءه حقه. فإذا كان والدك -رحمه الله تعالى- قد توفي عن المذكورين في سؤالك وهم: زوجتان، وابنان، وبنت. ولم يترك وارثاً غيرهم. فللزوجتان ثمن التركة يقسم بينهما بالتساوي، والباقي يقسم على الأبناء للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا شك أن حرصك على صلة الرحم أمر محمود شرعاً، ولكن ذلك لا ينافي مطالبتك بحقك في الميراث لا سيما وقد ذكرت حاجتك الشديدة للمال، ولكن عليك بالمطالبة بحقك بالمعروف، وتتخذ من الوسائل المشروعة ما تراه مناسباً ومن ذلك توسيط أهل الخير والصلاح ممن يكون له منزلة عند الورثة.
وننبهك إلى أنه ما دامت أختك قاصراً فلا يصح أن تتنازل عن بعض حقها في التركة، لأنه يشترط لصحة التنازل أن تكون بالغة رشيدة، وكذلك لا يجوز لوليها أن يتنازل عن بعض حقها في التركة لأن تصرف الولي مقيد بما فيه المصلحة.
وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 66593، 104948، 115419، 111853.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430