الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قسمة المراضاة قبل بلوغ بعض الورثة ورشدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أشهد الله أنني أحببتكم في الله على خدمتكم وسهركم لحلّ مشاكل الأمة الإسلامية، عندي سؤال وهو يتعلق بالميراث وهو كالآتي؛ توفى جدي وترك بنتين وولدا، وكانت أمي أكبرهم سنّا وكان لجدي ثلاثة أراضي ومنزل. فقسمت أمي بين إخوتها فأعطت لأخيها البالغ من العمر15سنة قطعة الأرض الأولى، وهي أكبر الأراضي، والقطعة الثالثة وهي أصغرهم ونصف أو أكثر بقليل القطعة الثانية، وأعطت لأختها البالغة من العمر12سنوات المنزل واكتفت هي بأخذ نصف قطعة الأرض المتبقية لإعانة زوجها على بناء بيت. وكان جميع الإخوة قد رضوا بهذه القسمة. وبعد سنين انهار بيت جدي ولله الحمد أنه كان خاليا وقتها وبالتالي أصبح ثمن البيت رخيصا لأن مصاريف الإصلاح باهظة جدا، وبالفعل باعت الأخت المالكة البيت بسعر رمزي لأنها عاجزة عن إصلاحه وفي حاجة إلى المال. فسؤالي هو؛ هل على الإخوة إعادة القسمة أولا لأنهم لم يحكموا شرع الله. وثانيا أن أختهم الكبرى حائرة وتحس بالذنب لأنها هي التي قسمت بين إخوتها فرأت أنها لم تنصف في القسمة مع أنها ظنت أنها قد أعطت لإخوتها أكثر مما أخذت هي. فأرشدونا حفظكم الله وادعوا لنا بالهداية والثبات، وجزاكم الله خيرا، ونسأل الله أن يرزقكم الثبات والسداد في القول وأن يجعلكم خيرا مما نقول وأن يغفر لكم ما لا نعلمه.
كما أرجو من الله أن يجمعني معكم في الجنة لأني والله أحببتكم في الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزى الله خيرا السائل الكريم وأحبه الله الذي أحبنا لأجله، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنه ويوفقنا وإياه لما يحبه ويرضاه، وبخصوص سؤاله فإن هذا النوع من القسمة يسمى قسمة المراضاة والاتفاق، وهو جائز إذا كان باتفاق جميع الورثة وكانوا رشداء بالغين، ولو كان فيه تفاوت وغبن بين الشركاء أو الورثة، والظاهر أن هذه القسمة وقعت قبل بلوغ البنت الصغيرة سن الرشد، ثم إن الغالب على الظن أن الولد وإن كان بالغا فإنه قد لا يكون رشيدا، ولذلك فإن إمضاءها وصحتها يتوقفان على بلوغ البنت ورشدها ورشد الولد، فإن كانت قد رضيت بها بعد البلوغ والرشد بطيب نفسها، ورضي الولد بعد الرشد فإن هذه قسمة صحيحة ماضية، ولاحق لأحد في الرجوع عنها بعد الرضا والبلوغ والرشد، أما إذا كانت البنت لم ترض بها أو رفضتها بعد بلوغها سن الرشد أو رفضها الولد بعد رشده فإن القسمة تعتبر باطلة ولا بد من ردها وقسم التركة قسمة قرعة شرعية للذكر فيها ضعف نصيب الأنثى، وهي أن تقوم كل قطعة على حدة، ثم يقوم المنزل، ويجمع ثمن الجميع فيوزع على الورثة كل حسب نصيبه المقدر له في كتاب الله تعالى، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتويين التاليتين: 63445 / 66593.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1427