الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوصت بمالها كله لأبناء إخوانها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة متزوجة ولم تنجب ولها أخوات إناث على قيد الحياة وإخوة ذكور متوفون ولهم أبناء وبنات وقد قامت بكتابة وصية وتسجيلها في الشهر العقاري بأن توزع تركتها بعد وفاتها بالكامل على أبناء إخوانها الذكور مما جعل زوجها يفكر في تطليقها لأنها بهذه الوصية تحرمه من حقه في تركتها إذا توفيت قبله وترثه إذا توفي قبلها وهو لا يريد أن يحرمها من تركته إذا مات وهي في عصمته لعلمه بحرمة ذلك علما بأن له أبناء من زوجة أخرى وله ثلاثة أسئلة:
أولا ما حكم الدين فيما فعلته هذه السيدة؟
ثانيا هل يأثم إذا طلقها أو أجبرها على كتابة تنازل عن حقها في تركته؟
ثالثا ماهو التوزيع الشرعي لتركتها؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر ما يصح للمرء أن يوصي به من ماله هو الثلث، ذلك ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف، وما زاد على الثلث فإن أجازه الورثة البالغون الرشداء نفذ، وإلا بطل، وراجع في ذلك فتوانا رقم:6271.
ثم الوصية من أصلها لا يصح أن تجعل لمن هو وارث، إلا أن يجيزها الورثة البالغون الرشداء.
فقد روى أصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث.
وعليه، فما فعلته هذه المرأة لا يلزم زوجها قبوله وليس بنافذ إذا لم يرضه هو، لأنها أوصت لأبناء إخوتها وهم من ورثتها إلا أن يكون الإخوة من جهة الأم فليس أبناؤهم حينئذ وارثين، وعليه، يكون لهم من الوصية الثلث.
أما عن جبر هذا الزوج زوجته على كتابة التنازل عن حقها في تركته فإنه لا يصح، ولو فعلته الزوجة كان من حقها أن ترجع عنه بعد موته لأنه إسقاط لحق قبل وجوبه، وذاك غير لازم عند أهل العلم.
وأما طلاقها فإن لم يكن الزوج مريضا مرضا مخوفا فالأصل أنه جائز ولكنه من المكروه البغيض عند أهل العلم إن لم تكن له بواعث أو أسباب تحمله عليه.
وطريقة توزيع تركة الزوجة على النحو التالي:
للزوج نصفها. قال تعالى: [وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ](النساء: 12) . وللأخوات إن كن شقيقات أو لأب الثلثان. قال تعالى: [فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ](النساء: 176) ، والمسألة حينئذ عائلة بالسدس فتقسم على سبعة يأخذ الزوج ثلاثة والأخوات أربعة ولا شيء لأبناء الإخوة لأن المال استغرقه أصحاب الفروض، وإن كن أخوات لأم فلهن الثلث. قال تعالى:[وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ](النساء: 12) .
وباقي المال يكون لأبناء الإخوة إن كانوا من جهة الأبوين أو من جهة الأب. ففي الصحيحين عن ابن عباس مرفوعا: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر.
وأما بنات الإخوة فليس لهن نصيب في التركة، وهن من ذوي الأرحام، وإن كان الإخوة المذكورون هم من جهة الأم فإن أبناءهم لا يرثون، وحينئذ يرد باقي المال على الأخوات، وراجع فيه الفتوى رقم: 27135، والفتوى رقم:20212.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425