الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الورثة البالغون الرشداء يمضي إذنهم بالتصدق بالميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة، وكان والدي شيخا كبيرا في السن، ولي ثمانية إخوة، وكلهم مشغولون في مصالحهم، وكنت أنا الوحيدة بين هؤلاء الإخوة البارة بوالدي، وكان بيت والدي يبعد عن بيتي كيلو مترا واحدا، وكنت كل يوم أذهب إليه لأقوم بواجبه من حيث الطعام والشراب والاستحمام والتنظيف له ولبيته، وكان معاشه الشهري في حوزتي، وبعد أن اختاره الله عز وجل بقي معي بعض من المال فتصدقت منه والباقي معي فهل يجوز لي أن آخذ باقي المال أم أتصدق به، مع العلم أن أبي كان له قطع من الأراضي فأعطى إخوتي منهم خمسة أقسام وأنا نصف قسيمة ما يعادل 200م، وقال لي إخوتي تصدقي بكل المال الذي بقي معك عن روح الوالد، وأنا حالتي متوسطة الحال هل يجوز لي أن آخذ منه شيئا؟ أفيدوني أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم والدك وأن يجزيك خيرا ويتقبل منك ما قمت به مما فرض الله عليك من بر والدك.
ولتعلمي أن ما ترك والدك يعتبر تركة على جميع أبنائه وبناته ولا يجوز لك التصرف فيما زاد عن نصيبك منه بصدقة ولا غيرها إلا بإذن إخوانك.
فإن كان إخوانك علموا بما تصدقت به عن الوالد وأمضوه فهو ماض إذا كانوا رشداء بالغين، وإن لم يرضوا بذلك فعليك أن تردي لهم ما زاد على نصيبك ليتصرف كل واحد في نصيبه كما يشاء.
وإذا كان إخوانك قد أمروك بالتصدق بكل ما بقي عندك بعد وفاة أبيكم فإن ما فعلت يعتبر ماضيا ولا تحتاجين إلى سؤالهم مرة أخرى.
وإذا كنت أنت تحتاجين إلى البقية ولم يعين إخوانك شخصا آخر بعينه أو صفته، فلك أخذه ما داموا قد فوضوا لك الأمر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة. رواه الترمذي وغيره.
وإذا كنت لا تحتاجين إليه فإن عليك أن تصرفيه لغيرك من الفقراء والمساكين.
وبخصوص نصيبك من تركه أبيك فإنه نصف نصيب أحد إخوانك؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ {النساء:11} ، ونرجو أن تطلعي على الفتوى رقم:71873.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427