الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرمان بعض الورثة من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية:
أريد أن أطرح عليكم مأساتي لعلي أجد منكم جوابا يريحني ويدلني كيف أتصرف مستقبلا، هذه بسطة عن العائلة:
لي 47 سنة ومتزوج وأب لبنت 15 سنة وطفل 11 سنة، توفي أبي يوم 2 نوفمبر الماضي عن سن تناهز 73 سنة والدتي عمرها 70 سنة ولي أخ 46 سنة متزوج منذ 3 سنوات فقط ويسكن في منزل والديٌ و 3 أخوات اثنتان مطلقتان 42 و 35 سنة والأخرى عزباء 40 سنة، والكل تقريبا يعشن في منزل والدي في العاصمة.
أما بعد: منذ سنين طويلة جدا إن لم أقل منذ أن كنت أعزب كنت شديد الاختلاف مع والدي لأنه إذا قرٌر شيئا إما أن يكون أو يغضب (مثلا: عندما يقاطع أحد الأقارب حتى إن كان أخاه فإما أن نقاطعه مثله وإلا يقاطعنا وإذا أراد مالا إما أن أعطيه ما أراد أو يقاطعني ولا يهمٌه حالتي الماديٌة) ، لمٌا خُطبت أختي كان سببا على ما أظنٌ في تخلي خطيبها والخطيب الثاني منها تزوج منها بعناء، ثم لا أدري ماذا جرى فوقع الطلاق، أنا أيضا لم يكن يريد زيجتي ولكني أصررت على الزواج وكان ذلك، لكنه كان غاضبا، أخي خطب 4 أو 5 مرات ثم تزوج أخيرا منذ 3 سنوات أي في 44 سنة، وأختي الثانية تزوٌجت وطلقت والثالثة عزباء إلى الآن، كان ماديٌا إلى أبعد الحدود مع أنٌه يتقاضى شيخوخته (مرتب لا بأس به) وله منزل كبير في القرية التي يسكنها ومنزل في العاصمة، وبأن إخوتي يسكنون في المنزلين فهم من يقومون بدفع فاتورة الماء والكهرباء والتلفون، له أيضا بستان كبير مغروس بأشجار الزيتون في الحقيقة هو ملك لأمٌي لكنٌه هو المتصرٌف فيه ويجني منه الكثير من المال، كان سوء التٌفاهم بيننا لا يكاد ينقطع أبدا والٌذي أظنٌه واللٌه أعلم أنٌ هناك من كان يريد هذا الشٌيء. فكنت كلٌما أخذت أولادي وذهبت لزيارتهم بمناسبة أو بغير مناسبة فكان يرفضني ويصرخ في وجهي ويطردني أمام أبنائي وزوجتي ولا أحد من إخوتي يتدخٌل أو يريد إصلاحا، أمٌا الأقارب فكانت عمٌتي أو أعمامي كلٌما خاطبوه في أمري قاطعهم لأنٌهم يعرفون أخلاقي وحبٌي لوالديٌ وخوفي من اللٌه فلم أجد أبدا طريقا للإصلاح.
لقد كنت أحبه كثيرا وكنت أطلب له ولي الهداية والإصلاح بيننا في كلٌ سجدة أو بعد كلٌ صلاة وفي كلٌ دعاء
…
وحين توفٌي منذ أربعين يوما تألٌمت كثيرا وإلى الآن لم أنقطع في دعائي من طلب الغفران والرٌحمة له، ولكن قبل وفاته بحوالي 3 أو 4 أشهر بدأ إخوتي ولأول مرٌة في الاتصال بي عبر الهاتف الشٌيء الٌذي لم يفعلوه أبدا (تصوٌروا حتٌى منزلي الٌذي أسكنه منذ 1998 لا أحد منهم يعرفه) وبدؤوا يشكون إلي أبي:\"إنٌه لم يعد يعني ما يقول، وماذا يفعل معنا ومع أمٌنا و....\" فذهبت إليهم وشكوا إلي كلٌ شيء، طرد أخي وزوجته من المنزل وأختي كذلك وقاطع أمٌي في العديد من المرٌات، ذهبت إليه وأردت أوٌلا أن يرضى عنٌي (واللٌه لم أفعل له شيئا يوما ما يستحقٌ غضبه) ، لعلٌي بعد ذلك أستطيع فعل شيء، لكنٌه رفض أيٌ إصلاح وطردني كالعادة، وأيٌامها كان مريضا فتدخٌلت أمٌي ولأوٌل مرٌة وقالت له العن الشٌيطان وصفٌي قلبك مع ابنك لكنٌه أبى، والآن وبعد وفاته:
1-
هل اللٌه راض عنٌي لأنٌ أبي مات ولم يرضى عنٌي، (كلٌ الأقارب حتٌى أعمامي قالوا لي لا تخف، فهو الٌذي سيحاسبه اللٌه على ما فعله معك)
2-
علمت أنٌه كتب كلٌ أملاكه لإخوتي ولم يبق لي شيئا
3-
وفي يوم الخميس 9 ديسمبر الماضي خاطبتني أمٌي بالهاتف وطلبت منٌي الحضور حالا، فطلبت منها ألا يستطيع هذا الأمر الانتظار إلى يوم السٌبت فقالت لي لا، فذهبت فكانت الكارثة الكبرى، فقد قالت لي أمٌي وبحضور إخوتي \"لقد أتاني أبوك في المنام وقال لي إنٌي غاضب عنك لأنٌك لم تقومي بوصايتي، وذهب فقلت ينبغي عليٌ أن أرجع لك كلٌ ملٌيم دفعته في وفاة أبيك\" وأرجعوا لي كلٌ مليم دفعته حتٌى أنٌ هناك أموالا أعطيتها لأمٌي قبل وفاة أبي، أرجعت لي كذلك، رغم إلحاحي ومحاولتي لإفهامهم أنٌ اللٌه لا يبعث في المنام أحدا لقطع صلة الرٌحم أمٌا هذا فهو من عمل الشٌيطان، ثمٌ قال لي إخوتي لقد قمنا بتنازل جماعي نحن الأربعة لأمٌي لسحب أموال والدي من حسابه الجاري وأنت أحضرنا لك تنازلا فرديا، ولمٌا قرأته وجدٌت أنهم كتبوا لي تنازل في الحساب الجاري لأبي وجميع مستحقاتي نهائيٌا ولا رجعة فيها، لم يستطيعوا الصبر ليوم السٌبت فكأنٌهم لا يريدون لقائي فيه، صدٌقوني خرجت من هناك تائها لا أعرف كيف وصلت إلى منزلي ولم أفهم شيئا يوم السٌبت الماضي كان يوم غلوق والدي الأربعين يوما، وفي تونس في هذا اليوم تقام إحياؤها، فذهبت على أعين النٌاس ولكنٌي لم أستطع حتٌى الأكل أو المبيت هناك، الرٌجاء مساعدتي ما العمل، ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
بداية نسأل الله تعالى أن يجعل لك من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ويرحم والديك، ويهدي إخوانك وجميع المسلمين، وما سلكته مع أبيك وإخوانك هو الطريق الصحيح، فالواجب أن تواصل أمك وتحسن إليها ما استطعت، وكذلك إخوانك وأرحامك جميعاً، فبر الوالدين وصلة الرحم فرض أوجبه الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولتعلم أن الواصل لرحمه هو الذي يصلهم إذا قطعوه، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافيء، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وعليك أن تتلطف مع هؤلاء المساكين وتعاملهم بالتي هي أحسن كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ {المؤمنون:96} ، وفي صحيح مسلم: أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
وما فعله والدك من كتابة أملاكه لبعض الورثة وحرمان البعض لا يجوز، ويعتبر باطلا يحرم تنفيذه، بل يجب أن تقسم التركة على جميع الورثة حسب ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما رأته أمك في منامها هو من وساوس الشيطان، وعليها ألا تكترث بذلك، وعليها أن تداوم على الأذكار والأدعية التي تحفظ من الشيطان، وخاصة أذكار النوم، والمحافظة على فرض الله تعالى واجتناب ما نهى عنه.
ولتعلم أن الأحكام لا تثبت بالمرائي والإلهامات ولو كانت من ولي أو عالم، كما ننبه إلى أنه لا يجوز إحياء ذكرى الأربعين ولا غيرها من البدع والمحدثات التي أحدثها الناس، ولهذا ننصحك بتقوى الله تعالى، وبر والدتك في المعروف، وصلة إخوانك، والصبر فإنه مفتاح كل مغلق، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:18129.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426