الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التجارة التي مارسها الورثة لا تدخل في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي الزوج وترك زوجته وثلاث بنات وولدين وكان لديه محل تجاري ملك له ليس به أي شيء من البضائع، اجتهدت الزوجة لتربية الأولاد بتجارة بسيطة في هذا المحل بدون أي رأس مال وكانت تغطي مصاريف البيت والأولاد حتى بلغ ابنها الأكبر سن 20 سنة ولم يكمل دراسته - حاصل على شهادة متوسطة وبدأ يشارك والدته في التجارة وأكمل جميع الأولاد والبنات دراستهم - مؤهل عال وفوق المتوسط - وتزوجوا جميعا ماعدا البنت الصغرى لم تتزوج حتى الآن، واستمر الولد في التجارة مع والدته حتى نمت التجارة وبارك الله لهم فيها، ومن عامين فقط قرر الابن الأصغر أن يشارك أخاه في هذه التجارة (دون إضافة جديدة لرأس المال) وبجزء من وقته لأنه يعمل موظفا في الفترة الصباحية. وأصبح المحل له سمعة طيبة في هذه التجارة وأيضا قيمته زادت في سوق العقارات أضعافا حتى بلغ سعره اليوم 120000 جنيه، وقدر العائد من هذه التجارة بمبلغ 100000 جنيه بعد سداد كافة الديون والالتزامات، بخلاف قيمة المنزل الذي تركه الزوج وتسكن فيه الزوجة مع ابنتها الصغرى، والابن الأكبر كل منهما في شقة مستقلة، وشقتين أخريين في نفس المنزل مؤجرة إيجارا مستديما بقيمة زهيدة وأصبح الأبناء والبنات والأم ينظرون إلى المحل وتجارته وشهرته والمنزل على أنه ميراث لهم من أبيهم، وهم يريدون الآن توزيع هذا الميراث 0 وذلك عندما قام الأخ الأكبر بشراء جزء من محل آخر وقطعة أرض لحسابه الخاص من ربح هذه التجارة بمبلغ 60000 جنيه.
نرجو من فضيلتكم توضيح الآتي: هل الورثة لهم حق في هذه التجارة؟ وإن كان لهم حق فنرجو توضيح نصيب كل فرد؟ وهل يخصص جزء قبل التوزيع لزواج البنت الصغرى؟ وإن كان ليس لهم حق فهل تقدر قيمة إيجارية للمحل من بداية تشغيله ويتم توزيعها عليهم بنسبة الميراث الشرعي؟ أم ماذا؟ وماهو حق الابن الأصغر في هذه التجارة نتيجة عمله فيها منذ عامين؟
أفيدونا بالفتوى حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تركة الميت هي جميع ما يتركه من أموال وحقوق، وهذا على حسب تعريف جمهور العلماء، بينما يذهب الأحناف إلى أن التركة هي ما يتركه الميت من أموال، ولا يُدخلون الحقوق في التركة.
وعلى كل فإذا كان الميت (الزوج) لم يترك إلا محلاً تجارياً فارغاً من البضاعة، وبيتاً يسكنه الورثة، فميراثه هو المحل والبيت ومنافعهما قبل قسمتهما بين الورثة.
وعليه؛ فالتجارة التي مارسها الورثة السابق منهم واللاحق في المحل الفارغ لا تدخل في الميراث، وإنما يدخل في الميراث منفعة المحل وهي إيجاره لهذه المدة المتقدمة فتقدر الأجرة حسب الزمان والمكان، ويصطلح الورثة على اقتسامها حسب أنصبتهم الشرعية، وبهذا تعلمين أنه لاحق للبنت الصغرى في مال التجارة، وإنما حقها من الميراث بقدر نصيبها الشرعي، ولها أن تفعل به ما شاءت، ولا يجبر الورثة على تزويجها قبل توزيع التركة من أنصبتهم، وإنما تعطى حقها كاملاً، ويندب لهم إعانتها على الزواج، وبالنسبة للبيت أيضاً يقسم بين الورثة حسب أنصبتهم.
أما مسألة مشاركة الولد الأكبر في تجارة والدته وكذلك مشاركة الأخ الأصغر فيها فينظر على أي أساس دخلا مع أمهما في هذه التجارة هل دخلا مشاركين أم متبرعين أم أجيرين؟ فإذا دخلا شريكين فلهما حقوق الشريك، وإن دخلا أجيرين فلهما أجرتهما، وإن دخلا متبرعين فلا شيء لهما، وأما إذا اختلفوا فيحكم بالعرف، وقد سبق تفصيل مثل هذه المسألة في الفتوى رقم:52134.
هذا وإذا أراد الأخ الأكبر احتساب ما أنفقه على إخوانه وأخواته من رسوم دراسية وغيرها فله ذلك إن كان أنفق عليهم ناوياً الرجوع بما أنفقه عليهم من نصيبهم من الميراث، أما إذا أنفق عليهم على سبيل التبرع والصدقة والهبة فلا يجوز له الرجوع، وإنما قلنا بجواز الرجوع عليهم بما أنفق لأن نفقتهم ليست واجبة عليه لاستغنائهم بنفقة أمهم التي تقوم مقام الأب عند فقده وإعساره، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 17147، ولأن بعض النفقة كنفقة التعليم ليست واجبة عليه أصلاً، وراجعي في شروط وجوب نفقة الأخ الفتوى رقم: 64789، وللمزيد الفتوى رقم: 51310، وهذا كله بالنسبة لرجوع الأخ على إخوته بما أنفق عليهم، وأما الأم فإنما قلنا بعدم رجوعها على أبنائها لما هو ظاهر من السؤال من فقرهم، أما إذا كان البيت والمحل اللذان تركهما الأب وافيين بالإنفاق الواجب لو بيعا بحيث يمكن أن يتوفر منهما مبلغ لإيجار بيت للسكن وما بقي يصرف على النفقة الواجبة فإنهم يعتبرون أغنياء، وما أنفقته عليهم أمهم بنية الرجوع عليهم به يحق لها فيه الرجوع.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426