الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استئثار الأم بتركة زوجها وحرمان الأولاد من حقهم فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
أتقدم لفضيلتكم بالسؤال التالي وباختصار شديد: توفي والدي منذ بضعة سنين وكان يعمل بإحدى الدول العربية وترك لنا منزلا ومحلات وقد كان لوالدي مكافأة نهاية الخدمة وهو مبلغ ليس بالقليل وتم إرساله لنا على مصر وتسلم هذا المبلغ والدتي وقد تصرفت فيه دون أن تستأذن أي أحد منا فصرفت ما صرفت ولا نعلم ماذا حل بباقي المبلغ المهم وبعد ذلك قامت بعمل مشاريع في المحلات وأجرت محالا أخرى وهي تأخذ أيضا كل الريع الذي يخرج سواء من إيجار بعضها أو المشاريع التي نفذتها في الأخرى أو إيجار إحدى الشقق. مع العلم بأننا ولدان وبنتان وكلنا متزوجون وأنا وأختي بنتان ومتزوجات من شابين يتقيان الله والحمد لله ولكن وعندما أردنا أن نطلب حقنا في هذا كله قيل إنه ليس لنا حق في ذلك وإننا نريد أن نرثها وهي حية وإن هذه كلها نقودها لأنها هي التي كافحت مع والدي مع العلم أن والدي كان لا يرفض لها أي طلب بل كانت تحضر كل ما تريده ويقول لها والدي أن تحضر المزيد على سبيل المثال سيدى عندها كيلوات من الذهب بارك الله لها فيها هذا أقوله لكي أوضح لفضيلتكم أننا لسنا أبناء سوء ونريد أن نضرها ولكن لتوضيح أنها ليست في حاجه لهذه الأموال مثلنا غير ذلك كله فإنها كانت تأخذ معاشنا وتتصرف فيه كيف تشاء قبل زواجنا وقد علمنا مؤخرا أنه كان لوالدي نقود عند آخرين وأنها قد أخذتها ولم تذكر لنا عنها أي شيء وطبعا علمنا عن طريق الأخ الأكبر لنا الذي ذهب معها. واعلم سيدى أنه لولا أن والدنا في حياته قد أودع لنا نقودا بحساب كل واحدة منا ما استطعنا أن نتزوج لأنني وأختي قمنا بتجهيز أنفسنا من عفش وخلافه كما أن أختي الكبرى كانت تعمل ولكن ونظرا لظروف بعد المكان عن منزلها تركت العمل وهي في أمس الحاجة لمصروف شهري ليعينها على ظروف معيشتها التي هي كما تعلمون كم هي صعبة وأنا أيضا أريد أن أترك عملي لكي أتفرغ لبيتي وابنتي القادمة في الأيام المقبلة إن شاء الله وأخي الذى عنده ولدان. فماذا نفعل مع والدتي وهل علينا وزر حيث إن لنا أملاكا ولا نخرج عليها زكاة المال وذلك لأنكم وكما تعلمون المال وحق التصرف فيه ليس ملكنا كما أن والدتي لا تخرج المستحق عنه؟
وجزاكم الله خير الجزاء عنا وعن أمة المسلمين أجمعين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الاستيلاء على التركة وحرمان الورثة منها يعتبر من كبائر الذنوب التي توعد الله عز وجل أصحابها بالعقاب الشديد، فقد قال تعالى بعد ذكر الآيات التي جاء فيها تقسيم التركة وبيان كل ذي حق فيها قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء: 13 ـ 14} في هذه الآية وعد لمن أطاع الله تعالى وطبق ما جاء في آيات المواريث بإعطاء كل ذي حق حقه، وفيها وعيد لمن عصى الله تعالى وتعدى حدوده ومنع الورثة من حقوقهم، والذي عليكم أن تفعلوه مع والدتكم هو برها والإحسان إليها، ونصحها بتقوى الله تعالى وطاعته، ويكون ذلك بالرفق واللين والموعظة الحسنة امتثالا لأمر الله تعالى ببر الوالدين. وبإمكانكم أن تستخدموا في ذلك الطرق التي ترونها مناسبة من تسليط بعض صديقاتها اللاتي تثقون فيهن عليها أو بعض أهل العلم والتقوى والصلاح لنصحها، وليس عليكم إثم في تعطيلها للزكاة فالإثم في ذلك عليها وحدها كما قال الله تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: 164} وإذا تم استلامكم لأموالكم وقد بلغ نصيب كل واحد منكم نصابا بنفسه أو بما تم إليه من نقود أخرى أو عروض تجارة فإن عليكم أن تخرجوا زكاتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شوال 1427