الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفريط الوكيل في توزيع الميراث خيانة للأمانة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت الوالدة وكان من ضمن التركة وجود ذهب! لم يكن هناك اتفاق على من يتولى إدارة توزيع التركة إلا أن العرف فرض علي أن يتولى الأخ الكبير تلك المسئولية بالرغم من اعتراض وتحفظ بعض الورثة على كفاءة ونزاهة وصدق وأمانة ذلك الأخ!
وفعلا حدث ما كان متوقعا حيث اتفق سرا مع الأخت الكبرى وأعطاها وسلمها كل الذهب من دون علم بعض الورثة!؟
وعند علمنا أقر بإعطائه كل الذهب للأخت الكبرى بغية بيعه! وعند الاتصال بالأخت الكبرى رفضت أن نطلع على الذهب أو حتى معرفة كميته ونوعه (سبائك، أسوار، قلائد..الخ) وأفادت بأن ذهب الوالدة هو ملك للبنات فقط دون الأولاد؟! وبعد إلحاح وجدال ومصادمات رضخت على أن تذهب معها الأخت الصغرى للتأكد من نوع ووزن وكمية الذهب بهدف بيعه! إلا أنها تنصلت من وعودها ولم تصطحب معها الأخت الصغرى!؟
وفوجئنا بالأخ الكبير يتصل بنا ويسلمنا بعض النقود على اعتبار أن الذهب قد بيع! ووضعنا ما بين السندان والمطرقة! فأما أن تقبل بالبيعة أو تشتكي للقضاء؟
س: هل يتحمل الأخ الكبير خيانة الأمانة؟
س: هل يجوز شرعا أن تتواطأ الأخت الكبرى مع الأخ الكبير على أخذ الذهب والاحتفاظ به دون علم بعض الورثة؟
س: هل يجوز شرعا أن تقوم الأخت الكبرى منفردة ببيع الذهب دون موافقة أو علم بعض الورثة؟
س: هل يجوز للأخت الكبرى إعطاء الورثة مبلغا معينا كنصيب من التركة بالرغم من اعتراض بعض الورثة على البيع؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأخ الأكبر هو الذي يتولى هذه الأمور في العادة وحسب عرف الناس في بلدكم وتولاها أخوكم وسكتم على ذلك، فإن هذا يعتبر إقرارا منكم بوكالته عنكم في القيام على التركة وتوزيعها، فإن لم تقم بينة على أنه فرط أو تعدى فإنه لا ضمان عليه ولا إثم إن كان لم يقصر لأنه أحد الأمناء الذين لا يضمنون.
قال ابن عاصم المالكي في التحفة:
والأمناء في الذي يلونا * ليسوا لشيء منه يضمنونا
أما إذا لم يكن وكيلا عنكم بالتوكيل الفعلي الشرعي أو العرفي فإنه يعتبر متعديا، وفي هذه الحالة عليه أن يغرم لكل وارث ما نقص من نصيبه، وعليه الإثم بالتعدي والتصرف في مال الغير دون إذنه، وكذلك إذا اعتبرناه وكيلا بالعرف وقامت البينة على تفريطه أو تعديه.
كما ننبه إلى أن أعيان التركة لا يلزم بيعها عند القسمة لإمكان توزيعها على الورثة، ولكن إذا تصرف الوكيل ببيعها للمصلحة فإنه لا مانع من ذلك شرعا.
وحسبما فهمنا من السؤال فإن هذا الأخ قد فرط في أمانته باتفاقه مع أخته سرا دون غيرها من الورثة وتواطأ معها على تقويمه.
فإن كان الأمر كذلك فإن ما فعله هذا الأخ يعتبر خيانة، وكذلك ما فعلته الأخت. وعليهما أن يبادرا بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، ولا يتم ذلك إلا برد الحقوق إلى أهلها، ولهذا ننصح الجميع بتقوى الله تعالى وإصلاح ذات البين.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427