الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلوغ جميع الورثة ليس من أسباب تأجيل قسمة الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[مقدمة السؤال: اقتسم والدي مع أخيه أملاكهم وكان من ضمن هذه الأملاك أرض قام والدي بشراء حصة عمي فيها بثمن 500،000 ريال ودفع له في نفس وقت المكاتبة 100،000 ريال على أن يدفع المبلغ المتبقي حين أن ييسر له الله به وبعد سنة ونصف تقريباً توفى الله عمي ومازالت الفلوس دينا على أبي. الله قد رزق عمي أربع بنات منهن اثنتان بالغات الرشد في ذلك الوقت واثنتان قاصرتان وابن كان عمره 6 سنوات وكان حادث الوفاة في عام 1997م. وبعد الوفاة بفترة وجيزة كانت زوجة عمي مع ابنتيها البالغتين يطالبن أبي بالدين الذي عليه لعمي فقال لهن إنه معسر في تلك الفترة وإن سهل الله له بالمبلغ فلن يعطيهن حتى تبلغ ابنتي عمي القصر رشدهن وكذلك أخوهن القاصر متحججاً بأنه هو وليهن ويعتبر الدين عنده أمانة حتى يبلغ جميع القصر رشدهم. وقد سألت والدي لماذا لم تعط بنات عمي حقهن من الدين الذي علينا فأجابني بما ذكرت سابقاً وأخبرته هل سألت عالماً بأنه لا يجوز لك أن تعطيهن الدين حتى يبلغ أخوهن وأخواتهن رشدهم فأجابني نعم ولكني كلما أذكر هذا الموضوع في نفسي أحس بعدم الرضا فأرجو منكم أن تجيبوا على استفساراتي الآتية:
السؤال:
1 -
هل لأبي الحق في الامتناع عن الدفع لزوجة عمي وبناتها بحجة أنه مازال هناك قصر من الورثة والذين هم بنتاه وابنه؟ إن لم يكن له الحق فهل عليه إثم حيث إنه كان قد أخذ الإجازة من عالم حسبما يقول؟
2 -
هل يوجد زكاة على الدين الذي على أبي لعمي وإن وجد فكم مقدارها ومن المسؤول عن إخراجها؟
وجزاكم الله خيراً وكتب كل جهودكم في ميزان حسناتكم وجعلكم في الفردوس الأعلى مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
ملحوظة:
كلما سألت أبي في هذا الموضوع المذكور آنفا أخبرني بأن في نيتة أن يطهر نفسه من الدين وأنه في حال أن يسهل الله له ببيع إحدى ممتلكاتنا من الأراضي لأنه أصبح لا مال له غير ما نملك من عقار وهو عاطل عن العمل وأنا أعوله مع جميع إخواني وأخواتي ما عدا المتزوجون منهم فإنه سوف يعطي ابن عمي مع أخواته مبلغا أكثر من المستحق وذلك براءة ذمتة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحق لأبيك الامتناع عن دفع الحقوق إلى أهلها بحجة أن بعضهم غير بالغ سن الرشد إذا كان قادرا على دفعها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. رواه البخاري ومسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما وحسنه الألباني في السلسة.
وعلى أبيك أن يقسم ما عنده من تركة أخيه على ورثته، ويعطي البالغ الرشيد منهم حقه ليتصرف فيه كيف شاء، أما القصر فيدفع نصيبهم إلى من أوصاه أبوهم بشأنهم، فإن لم يكن أبوهم أوصى عليهم فإن من يقدمه القضاء الشرعي هو وصيهم. وعلى كل حال فما ادعاه أبوك غير صحيح، وعليه أن يبادر بإخراج هذا الحق ما دام مستطيعا ولو أدى ذلك إلى بيع العقار الذي عنده.
وأما ما أفتاه به العالم من تأخير قسمة التركة حتى يبلغ جميع الورثة فغير صحيح، لأن بلوغ جميع الورثة ليس من أسباب تأجيل القسمة التي ذكرها أهل العلم، وإذا طالب أحد الورثة البالغين بحقه فلا يجوز تأخيره عنه إذا كان رشيدا، وسبق بيان ذلك في الفتويين: 35945، 70139، نرجو أن تطلع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما.
ولذلك فإننا ننصح أباك بتقوى الله وأداء الحقوق إلى أهلها والتعجيل بذلك قبل فوات الأوان.
وأما زكاة هذا الدين فإنها تكون على الورثة إذا استلموه وكانت حصة كل واحد منهم تبلغ النصاب بنفسها أو بما انضاف إليها من نقود أخرى أو عروض تجارة، لكنه يزكى لسنة واحدة. وانظر لتفصيل زكاة الدين الفتوى رقم:7368.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427